للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حدَّة نظرهِ، وبعدهِ عن النِّسيان، وضبطهِ وإتقانهِ (عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ) أشارَ إلى عدمِ كذبه وأنَّه صدوقٌ، وفيه تمامُ معرفتهِ وغزارة علومهِ، وشدَّة تحقيقهِ، وتمكُّنه من هذا الشَّأن (وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ) بصيغة (١) الأمر (فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ) نقله (أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي به) أبو بكر (مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ) فإن قلتَ: كيف عبَّر أولًا بقوله (٢): لو كلَّفُوني، وأفرد في قوله: ممَّا أمرني به (٣)؟ أُجيب بأنَّه جمع باعتبارِ أبي بكر ومَن وافقهُ، وأفردَ باعتبار أنَّه الآمر بذلك وحدهُ، وإنَّما قال زيدٌ ذلك خشية من التَّقصير في ذلك، لكنَّ الله تعالى يسَّره له تصديقًا لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر: ٤٠].

(قُلْتُ) لهم: (كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ ؟ قَالَ) أبو بكر: (هُوَ) أي: جمعه (وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي (٤) شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ) حال كوني (أَجْمَعُهُ) وقتَ التَّتبُّع ممَّا عندي وعندَ غيري (مِنَ العُسُبِ) بضم العين والسين المهملتين ثمَّ الموحدة، جريدُ النَّخل العريضِ العاري عن الخُوْصِ (وَاللِّخَافِ) بكسر اللام وفتح الخاء المعجمة وبعد الألف فاء، الحجارةُ الرِّقاق، أو هي الخزفُ -بالخاء والزاي المعجمتين والفاء- (وَصُدُورِ الرِّجَالِ) حيث لا يجد ذلك مكتوبًا، أو الواو بمعنى: مع؛ أي: أكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظِ في الصُّدور.

وعند أبي داود (٥): أنَّ عمر قام فقال: من كان تلقَّى من رسول الله شيئًا من القرآن


(١) في (ص): «بصيغتي».
(٢) في (ب): «يقوله».
(٣) في (د) وهامش (ل): «أمرني به أبو بكر».
(٤) في (م): «لذلك الذي».
(٥) في الأصول: «أبي داود» في هذا الموضع والآتي، وعزاه في الفتح إلى «ابن أبي داود».

<<  <  ج: ص:  >  >>