للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فليأتِ به، وكانوا كتبوا (١) ذلك في الصُّحف والألواح والعُسُب، قال: وكان لا يقبلُ من أحدٍ شيئًا حتى يشهدَ شاهدان (٢)، وهذا يدلُّ على أنَّ زيدًا كان لا يكتفي بمجرَّد وجدانهِ مكتوبًا حتى يشهدَ به من تلقَّاه سماعًا، مع كون زيد كان يحفظُه، فكان يفعلُ ذلك مبالغةً في الاحتياطِ. ولأبي داود أيضًا من طريق هشام بن عروةَ، عن أبيهِ: أنَّ أبا بكرٍ قال لعمر ولزيدٍ: اقعدا على بابِ المسجدِ، فمَن جاءكما بشاهدين على شيءٍ من كتابِ الله فاكتباهُ. ورجالُهُ ثقاتٌ مع انقطاعهِ، ولعلَّ المراد بالشَّاهدين الحفظ والكتاب، أو المراد أنَّهما يشهدان أنَّ ذلك المكتوب كُتب بين يدَي رسولِ الله ، أو أنَّهما يشهدانِ أنَّ ذلك (٣) من الوجوهِ الَّتي نزلَ بها القرآن، وكان غرضُهم أن لا يُكتب إلَّا مِن عين ما كُتبَ بين يديهِ ، لا من مجرَّد اللَّفظ، والمراد بصدورِ الرَّجال: الَّذين جمعُوا القرآنَ وحفظوهُ في صدُورهم كاملًا في حياتهِ ، كأبي بنِ كعبٍ، ومعاذ بنِ جبل.

(حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ) بنِ أوسِ بنِ يزيد بنِ حرام، وأبو خزيمةَ مشهورٌ بكنيتهِ لا يعرفُ اسمه، وشهدَ بدرًا وما بعدها (الأَنْصَارِيِّ) النَّجاريِّ (لَمْ أَجِدْهَا) مكتوبة (مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ) ولا يلزمُ من عدم وجدانهِ إيَّاها حينئذٍ (٤) أن لا تكون تواترت عندَ من تلقَّاها من النَّبيِّ ، وإنَّما كان زيدٌ يطلبُ التَّثبت عمَّن تلقَّاها بغير واسطة، ولقد اجتمعَ في هذه الآيةِ -كما قاله الخطَّابي- زيدُ بن ثابتٍ (٥)، وأبو خزيمةَ، وعمر، وسقطَ قوله: «﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾» لأبي ذرٍّ (فَكَانَتِ الصُّحُفُ) التي جمع فيها زيدُ بن ثابتٍ القرآن (عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ) حتَّى توفَّاه الله (ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ ) وعنها؛ لأنَّها كانت وصية عمر، فاستمرَّ ما كان عندَه عندها إلى أن شرعَ عثمانُ في كتابة المصحفِ.


(١) في (س): «يكتبون».
(٢) في (ص) و (م): «شهيدان»، كذا في المصاحف لابن أبي داود.
(٣) قوله: «المكتوب كتب بين يدي رسول الله أو أنَّهما يشهدان أنَّ ذلك»: ليس في (د).
(٤) في (د): «حينئذ إيَّاها».
(٥) قوله: «بن ثابت»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>