للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند لبَّته لئلَّا ينفلتَ منِّي، وهذا من عمر على عادتهِ في الشِّدة بالأمرِ بالمعروفِ (فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ) ها؟ (١) بحذف الضَّمير (قَالَ) وللأَصيليِّ: «فقال» (٢) هشام: (أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ ) قال عمرُ : (فَقُلْتُ) له: (كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَـ) ها، فيه إطلاقُ التَّكذيب على غلبةِ الظَّنِّ، فإنِّه إنَّما فعل ذلك عن اجتهادٍ منه لظنِّه أنَّ هشامًا خالفَ الصَّواب، وساغَ له ذلك لرسوخِ قدمه في الإسلامِ وسابقته، بخلاف هشامٍ، فإنَّه من مسلمةَ الفتح، فخشيَ أن لا يكونَ أتقنَ القراءة، ولعلَّ عمر لم يكن سمعَ حديثَ: «أنزلَ القرآنُ على سبعةِ أحرفٍ» قبل ذلك (فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ) أجرُّه بردائه (إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقُلْتُ): يا رسولَ الله (إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ) بباء الجر، وللأربعةِ «سورةَ الفرقانِ» (عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : أَرْسِلْهُ) بهمزة قطع؛ أي: أطلقه، ثمَّ قال له : (اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ) بها (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ) : (اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي) بها (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ) ولم يقفْ الحافظُ ابن حجرٍ على تعيينِ الأحرف الَّتي اختلفَ فيها عمرُ وهشام من سورةِ الفرقانِ. نعم، جمعَ ما اختلفَ فيهِ من المتواترِ (٣) والشَّاذِّ من هذهِ السُّورة، وسبقهُ إلى ذلك ابنُ عبدِ البرِّ مع فوتٍ، ثمَّ قالَ: والله أعلمُ بما أنكرَ منها عمر على هشام وما قرأ به عمرُ (٤). ثمَّ قال تطييبًا لقلبِ عمر؛ لئلا ينكرَ تصويبَ الشَّيئين المختلفين: (إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ) جمع: حرف، مثل فلس وأفلس؛ أي: لغات أو قراءات، فعلى الأول يكون المعنى على أوجه من اللُّغات؛ لأنَّ أحدَ معاني الحرف في اللُّغةِ الوجه. قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: ١١] وعلى الثَّاني يكونُ من إطلاقِ الحرفِ على الكلمةِ مجازًا لكونهِ بعضها (٥). (فَاقْرَؤُوْا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي: من الأحرفِ المنزَّل بها (٦)،


(١) (ها): ليس في (د).
(٢) قوله: «وللأَصيليِّ فقال»: ليس في (د).
(٣) في (م) و (ب): «التواتر».
(٤) قوله: «ولم يقف الحافظُ ابن حجرٍ … وما قرأ به عمر»: ليس في (د).
(٥) في (ب): «بعضًا».
(٦) في (د): «أي من المنزل».

<<  <  ج: ص:  >  >>