للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالتَّشهي؛ أي: أنَّ كلَّ أحدٍ يغيِّر الكلمةَ بمرادفها في لغتهِ، بل ذلكَ مقصورٌ على السَّماع من رسولِ الله ، كما يشيرُ إليه قولُ كلٍّ من عمرَ وهشامَ: أقرأني النَّبيُّ . ولئن سلَّمنا إطلاقَ الإباحةِ بقراءةِ المرادفِ ولو لم يُسمع، لكنَّ الإجماعَ من الصَّحابة في زمنِ عثمانَ الموافق للعرضةِ الأخيرةِ يمنعُ ذلك، كما مرَّ.

واختلفَ في المرادِ بالسَّبعةِ: قال ابنُ العربيِّ: لم يأت في ذلك نصٌّ ولا أثرٌ. وقالَ (١) ابنُ حبَّان: إنَّه اختلفَ فيها على خمسةٍ وثلاثينَ قولًا. قال المنذريُّ: إنَّ أكثرهَا غير مختارٍ، وقال أبو جعفرٍ محمَّد بن سعدانِ النَّحويُّ: هذا من المشكل الَّذي لا يُدرى معناهُ؛ لأنَّ الحرف يأتي لمعانٍ. وعن الخليلِ بن أحمدٍ: سبعُ قراءاتٍ، وهذا أضعفُ الوجوهِ، فقد بيَّن الطَّبري وغيرهُ أنَّ اختلافَ القرَّاء إنَّما هو حرفٌ واحدٌ من الأحرفِ السَّبعة، وقيل: سبعة أنواعٍ، كلُّ نوعٍ منها جزءٌ من أجزاءِ (٢) القرآنِ، فبعضها أمرٌ ونهيٌ، ووعدٌ ووعيدٌ، وقصصٌ، وحلالٌ وحرامٌ، ومحكمٌ ومتشابهٌ، وأمثالٌ، وفيه حديثٌ ضعيفٌ من طريقِ ابنِ مسعودٍ، ورواه البيهقيُّ بسندٍ مرسلٍ، وهو قولٌ فاسدٌ، وقيل: سبعُ لغاتٍ لسبعِ قبائل من العربِ متفرِّقة في القرآنِ، فبعضه بلغةِ تميمٍ، وبعضهُ بلغةِ أزدٍ وربيعة، وبعضهُ بلغةِ هوازنَ وبكْرٍ، وكذلك سائرُ اللُّغات، ومعانيها واحدةٌ، وإلى هذا ذهبَ أبو عُبيد (٣) وثعلب، وحكاهُ ابنُ دريدٍ، عن أبي حاتمٍ، وبعضهم عن القاضِي أبي بكرٍ، وقال الأزهريُّ وابنُ حبَّان: إنَّه المختارُ، وصحَّحه البيهقيُّ في «الشُّعب»، واستنكرهُ ابنُ قتيبةَ، واحتجَّ بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [إبراهيم: ٤].

وأجيبَ بأنَّه لا يلزمُ من هذهِ الآيةِ أن يكونَ أرسل بلسانِ قريشٍ فقط لكونهم قومهُ، بل أرسلَ بلسانِ جميعِ العربِ، ولا يردُّ عليه كونهُ بعثَ إلى النَّاس كافَّة عربًا وعجمًا؛ لأنَّ القرآنَ أنزلَ باللُّغة العربيَّة، وهو بلَّغه (٤) إلى طوائفِ العربِ، وهم يترجمونهُ لغيرِ العربِ بألسنتهم.

وقال ابنُ الجزريِّ: تتبَّعتُ القراءات صحيحَهَا وشاذَّهَا، وضعيفَهَا ومنكرَهَا؛ فإذا هي ترجعُ


(١) في (د) و (ل): «وقول».
(٢) في (د): «أنواع».
(٣) في (د) و (م): «عبيدة».
(٤) في (م): «يبلغه».

<<  <  ج: ص:  >  >>