للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الماضي وكذا في المضارع مُشْتركٌ بين الإطلاقِ والاستماعِ، تقول: أَذِنْتُ (١) آذَنُ بالمدِّ، فإن أردتَ الإطلاقَ فالمصدر بكسرٍ ثمَّ سكون، وإن أردتَ الاستماعَ (٢) فالمصدر بفتحتين؛ أي: ما استمعَ كاستماعهِ لصوتِ نبيٍّ.

(أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ) وسقطَ لفظ «أنْ»، عند أبي نُعيم من وجهٍ آخرَ، وصوَّبه ابنُ الجوزيُّ، وقال: إنَّ إثباتها وهمٌ من بعضِ الرُّواة لروايتهم بالمعنَى، فظنَّ المثبِتُ المساواةَ، فوقعَ في الخطأ؛ لأنَّ الحديثَ لو كان بإثباتِ «أنْ» لكان من الإِذْن -بكسر الهمزة وسكون الذال- بمعنى: الإباحةِ والإطلاقِ، وليس مرادًا هنا، وإنَّما هو من الأَذَن -بفتحتين- وهو (٣) الاستماعُ، والمرادُ بهِ هنا: إجزالُ مثوبةِ القارئ وإكرامهِ، لا حقيقته الَّتي هي أن يميلَ المستمعُ بأُذُنه إلى جهةِ من يسمعهُ؛ إذ هو محالٌ في حقِّه تعالى، فالمرادُ ثمرةُ ذلك على ما لا يخفى.

(قَالَ (٤) سُفْيَانُ) بنُ عيينة -بالسَّند السَّابق-: (تَفْسِيرُهُ) أي: قوله: يتغنَّى (يَسْتَغْنِي بِهِ) عن غيرهِ من الكتب السَّالفة (٥)، أو من الإكثارِ من الدُّنيا، وارتضَى ذلكَ أبو عُبيد في «تفسيره»، وقال: إنَّه جائزٌ في كلامِ العربِ، واحتجَّ بقولِ ابنِ مسعودٍ: من قرأ آل عمران فهو غنيٌّ، وقيل: المرادُ به الغنَى المعنوي؛ وهو غنى النَّفس، وهو القناعة، لا المحسوس الَّذي هو ضدُّ الفقر، فإنَّ ذلك لا يحصلُ بمجرَّد ملازمةِ القرآن.

وقال النَّوويُّ: معناه عند الشَّافعيِّ وأصحابهِ وأكثرِ العلماءِ تحسين الصَّوت به. انتهى.

ويؤيِّده قوله في الرِّواية السَّابقة [خ¦٥٠٢٣]: وقال صاحب له: يجهرُ بهِ.

قال الطِّيبي: لأنَّها جملة مبيِّنة لقوله: «يتغنَّى بالقرآن»، وإلا (٦) يكن المبيَّن على خلاف البيان، كذلك «يتغنَّى بالقرآن» في الرِّواية الأولى بيان لقوله: «ما أذنَ لنبيٍّ»؛ أي: صوته،


(١) قوله: «أذنت»: ليست في (م) و (د).
(٢) في (ص) و (ل) و (م): «الاسم».
(٣) زيد في (م): «من».
(٤) في (د) و (م): «وقال».
(٥) في (م): «السَّابقة».
(٦) في (ص) و (م): «فلن»، وفي (س): «فلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>