للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أغراضٍ ومقاصدَ، كالازدواجِ والصُّحبةِ والألفَةِ وتأسيسِ القراباتِ، ولا ينتظِمُ ذلك عادةً إلَّا بينَ الأكفاءِ، وقد جزمَ مالكٌ بأنَّ اعتبارَ الكفاءةِ مختصٌّ بالدِّينِ لقوله : «النَّاسُ سواءٌ، لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، إنَّما الفضلُ بالتَّقوى»، وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] وأُجيب بأنَّ المرادَ به في حكمِ الآخرةِ، وكلامُنَا في الدُّنيا. وقال الشَّيخ خليل في «مختصره»: والكفاءةُ الدِّينُ والحالُ. قال شارحُهُ: واعتبر فيها خمسة أوصافٍ (١):

الدِّينُ: وهو متَّفق عليه، وظاهرُ قولِ «المدوَّنة»: المسلمون بعضُهم لبعضٍ أكفاءٌ، أنَّ الرقيقَ كفءٌ، ونقلهُ عبد الوهاب نصًّا، وعن المغيرة أنَّه يفسخُ، وصحَّحه هو وغيرهُ.

والنَّسبُ: وفي «المدونة»: المولَى كفءٌ للعربيَّةِ، وقيل: ليسَ بكفءٍ.

والحالُ: وهو أن يكون الزَّوجُ سالِمًا من العيوبِ الفاحِشةِ.

والمالُ: فالعجزُ عن حقوقِهَا يوجبُ مقالَها. وقيل: المعتبرُ من ذلكَ كله عند مالكٍ: الدِّينُ والحالُ. وعند ابن القاسم: الدِّينُ والمالُ. وعندهما: المالُ والحالُ. انتهى.

وخصالُ الكفاءةِ عندَ الشَّافعيَّةِ خمسة: سلامةٌ من عيبِ نكاحٍ: كجنونٍ وجذامٍ وبرصٍ.

وحرِّيَّة: فمن مسَّهُ أو مسَّ أبًا له أقرب رقٌّ ليس كفءَ سليمةٍ من ذلك لأنَّها تعيَّرُ به، وَخَرَجَ بالآباءِ الأمهاتُ، فلا يؤثِّرُ فيهنَّ مسُّ الرِّقِّ.

ونَسَبٌ: ولو في العجَمِ لأنَّه من المفاخرِ، فعجميٌّ أبًا وإن كانت أمُّه عربيةً ليسَ كفءَ عربيَّةٍ أبًا وإن كانَت أمُّها أعجميَّة، ولا غيرُ قرشيٍّ من العربِ كفؤًا لقرشيَّةٍ لحديثِ: «قدِّمُوا قريشًا ولا تقدَّمُوها» رواه الشَّافعيُّ بلاغًا، ولا غيرُ هاشميٍّ ومطَّلِبيٍّ كفؤًا لهُما لحديث مسلمٍ: «إنَّ اللهَ اصطفَى كنانَةَ من ولدِ إسماعيلَ، واصطفَى قُريشًا من كنانَةَ، واصطَفَى من قريشٍ بني هاشمٍ واصْطَفاني من بني هاشمٍ (٢)» فبنُو هاشمٍ وبنو المطَّلبِ أكفاءٌ لحديث البخاريِّ: «نحنُ وبنُو المطَّلب شيءٌ واحدٌ» [خ¦٣١٤٠].


(١) ذكر أربعة أوصاف، والخامس كما في عبارة بهرام في «تحبير المختصر»: والحرية: وظاهر قوله في المدونة: «والمسلمون بعضهم لبعض أكفاء» دليل على أنَّ الرقيق كفؤ، ونقله عبد الوهاب عن ابن القاسم أيضًا، وعن المغيرة أنه يفسخ، وصححه هو وغيره.
(٢) «واصطفاني من بني هاشم»: ليست في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>