للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَاسْتَوْصُوا) أي: أُوصيكم (بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) فاقبلوا وصيَّتي فيهنَّ، كذا قرَّره البيضاويُّ لأنَّ الاستيصاء استفعالٌ، وظاهرُه طلبُ الوصيَّة، وليس هو المراد، وقال الطِّيبيُّ: الأظهر أنَّ السِّين للطلب مبالغة، أي: اطلبوا الوصيَّةَ من أنفُسِكم في حقِّهن بخير، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ [البقرة: ٨٩] (١). وقال في «الكشاف»: السين للمبالغة، أي: يسألونَ أنفسهم الفتحَ عليهم، كالسين في استعجب. ويجوزُ أن يكون من الخطاب العامِّ، أي: يستوصِي بعضكُم من بعضٍ في حقِّ النِّساء (فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ) معوجٍّ فلا يتهيَّأُ الانتفاع بهنَّ إلَّا بمداراتهنَّ والصَّبر على اعوجاجهنَّ، والضِّلع استُعير للمعوج، أي: خلقنَ خلقًا فيه اعوجاجٌ، فكأنهنَّ خلقنَ من أصلٍ معوجٍّ، وقيل: أراد به أن أوَّل النِّساء حواء خلقت من ضلعِ آدم (وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ) ذكره تأكيدًا لمعنى الكسر، أو ليبيِّن أنَّها خلقتْ من أعوج أجزاء الضِّلَع، كأنَّه قال: خلقنَ من أعلى الضِّلَع وهو أعوجُ (٢)، ويحتمل -كما (٣) في «الفتح» - أن يكون ضرب ذلك مثلًا لأعلى المرأةِ لأنَّ أعلاها رأسُها وفيه لسانُها، وهو الَّذي يحصلُ منه الأذى، وسأل الكِرْمانيُّ فقال: فإن قلتَ: العوجُ من العيوبِ، فكيف يصحُّ منه (٤) أفعل التَّفضيل؟ وأجابَ بأنَّه أفعل الصِّفة، أو أنَّه شاذٌّ، والامتناع (٥) عند الالتباسِ بالصِّفة، فحيث يتميَّزُ عنه بالقرينةِ جاز البناء منه (فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ) أي: الضِّلع (كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ)


(١) قوله: «كما في قوله تعالى: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾» ليس في (س) و (ص).
(٢) في (د): «اعوجاجه».
(٣) في (د): «قاله».
(٤) في (د) و (م): «فيه».
(٥) في (ب) و (س): «أو الامتناع».

<<  <  ج: ص:  >  >>