للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم تقمْه (لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) فيه: ندبٌ إلى مداراة النِّساء وسياستهنَّ والصَّبر على عوجهنَّ، وأنَّ من رامَ تقويمهنَّ رام مستحيلًا وفاته الانتفاع بهنَّ، مع أنَّه لا غنى للإنسان عن امرأةٍ يسكنُ إليها ويستعينُ بها على معاشهِ، قال:

هي الضِّلَعُ العَوْجاءُ لسْتَ تُقِيمُها … أَلا إنَّ تَقْويمَ الضُّلوعِ انكِسارُها

أَتَجْمَعُ ضَعْفًا واقْتِدَارًا عَلَى الهَوَى (١) … أَلَيْسَ عَجِيْبًا ضَعْفُها واقْتِدَارُها

فكأنَّه قال: الاستمتاعُ بها لا يتمُّ إلَّا بالصَّبر عليها (فَاسْتَوْصُوا) أي: أُوصيكم (بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) فاقبلوا وصيَّتي واعملوا بها. قال الغزاليُّ: وللمرأةِ على زوجها أن يعاشِرها بالمعروفِ، وأن يحسنَ خلقهُ معها. قال: وليس حسنُ الخلقِ معها كفَّ الأذى عنها، بل احتمالُ الأذى منها، والحلمُ على (٢) طيشِها وغضبها اقتداءً برسول الله ، فقد كان أزواجهُ يراجعنهُ الكلام، وتهجرهُ إحداهنَّ إلى اللَّيل. قال: وأعلى من ذلك أنَّ الرَّجل يزيد على احتمالِ الأذى بالمداعبةِ، فهي التي تطيِّب قلوب النِّساء، فقد كان رسول الله يمزح معهنَّ وينزلُ إلى درجات عقولهنَّ في الأعمالِ والأخلاقِ، حتى روي أنَّه كان يسابقُ عائشة في العدْو فسبقته يومًا فقال لها: «هذه بتلك».


(١) كذا في الأصول ولعل الصواب: «الفتى» كما في كثير من المصادر.
(٢) في (ص): «عن».

<<  <  ج: ص:  >  >>