للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توجيه الرَّفع، ودخول «لا» على الصِّفة المفردة مع انتفاء التَّكرير في توجيه الجرِّ، وكلاهما باطل. انتهى. وعند الطَّبرانيِّ: لا سهلَ فيرتقَى إليهِ (وَلَا سَمِينٌٍَ) بالجر والرفع منونًا، والفتح بلا تنوين، كما مرَّ في «لا سهل»، ويجوز أن يكون رفع سمينٍ على أنَّه صفةٌ لـ «لحم»، وجرُّه صفةٌ لـ «لجملِ» (فَيُنْتَقَلُ) أي: لا ينقلهُ أحد لهزالهِ. وعند أبي (١) عبيدٍ: فينتقى. وهو وصفٌ للحمِ، أي: ليس له نقيٌّ يستخرجُ، والنِّقيُّ -بكسر النون-: المخُّ، يقال: نقوت العظمَ ونقَّيتهُ إذا استخرجتُ مخَّه.

قال القاضي عياض: انظر إلى كلامها؛ فإنَّه مع صدقِ تشبيههِ قد جمع من حسنِ الكلام أنواعًا، وكشفَ عن محيَّا البلاغةِ قناعًا، وقرن بين جزالةِ الألفاظِ، وحلاوةِ البديعِ، وضمَّ تفاريق المناسبة والمقابلةِ والمطابقة والمجانسةِ، والتَّرتيب والتَّرصيع، فأمَّا صدقُ تشبيهها فقد أودعت أوَّل كلامها تشبيه (٢) شيئين من زوجها بشيئين، فشبَّهت باللَّحم الغثِّ بُخله وقلَّة عرفهِ، وبالجبل الوعثِ شراسةَ خلقهِ، وشموخَ أنفه، فلما تمت (٣) كلامها جعلت تفسِّر سابقة كلِّ واحدةٍ من الجملتين، وتفصِّل ناعتةً كلَّ قسمٍ من المشبَّهين، ففصَّلت الكلام وقسَّمته، وأبانتِ الوجهَ الَّذي (٤) علَّقت التَّشبيه به وشرحته، فقالت: لا الجبل سهل؛ فلا يشق ارتقاؤهُ لأخذ اللَّحم، ولو كان هزيلًا لأنَّ الشَّيء المزهود فيه قد يؤخذ إذا (٥) وجد بغير نصبٍ، ولا اللَّحم سمين فيتحمَّل في طلبهِ واقتنائهِ مشقَّة صعودِ الجبل ومعاناةِ وعورته، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك، واجتمع قلَّة الحرص عليه ومشقَّة الوصول إليه، لم تطمح إليه همَّةُ طالبٍ، ولا امتدَّت نحوه أمنيةُ (٦) راغب، فقطع الكلام عند تمام التَّشبيه والتَّمثيل، وابتداؤه بحكم التَّفسير والتَّفصيل أليقُ بنظم الكلام، وأحسنُ من نفي التَّبرئة وردِّ الصِّفة في نمط البيان، وأجلى في ردِّ


(١) في (د): «ابن».
(٢) في (د): «لتشبيه».
(٣) في (ب) و (س): «تممت».
(٤) في (ص) و (م) زيادة: «به».
(٥) في (د): «إن».
(٦) في (ص): «منية».

<<  <  ج: ص:  >  >>