للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لَهُ دَاءٌ) أي: موجود فيه. قال القاضي عياض: في هذا من لطيف الوحي والإشارة الغاية لأنَّه انطوى تحت هذه اللَّفظة كلامٌ كثير (شَجَّكِ) بشين معجمة وجيم مشددة مفتوحتين وكاف مكسورة (١)، أي: أصابك بشجةٍ في رأسك (أَوْ فَلَّكِ) بفاء ولام مشددة مفتوحتين وكاف مكسورة، أي: أصابك بجرحٍ في جسدك، أو كسرك، أو ذهب بمالك، أو قسرك بخصومتهِ. وزاد ابن السِّكِّيت في رواية: «أو بَجَّكِ» بموحدة وجيم مشددة مفتوحتين وكاف مكسورة، أي: طعنك في جراحتك فشقَّها، والبجُّ شقُّ القرحةِ (أَوْ جَمَعَ كُلًّا) من الشَّجِّ والفلِّ (لَكِ) وفي رواية الزُّبير: «إن حدَّثته سبَّك، وإن مازحتهُ فلَّك، وإلَّا جمع كلًّا لكَ»، فوصفته -كما قال القاضي عياض-: بالحمق والتَّناهي في سوء العشرةِ وجمع النَّقائصِ بأن يعجزَ عن قضاءِ وطرها مع الأذى، فإذا حَدَّثته سبَّها، وإذا مازحتهُ (٢) شجَّها، وإذا أغضبتهُ كسر عضوًا من أعضائِها، أو شقَّ جِلدها، أو جمع كلَّ ذلك من الضَّرب والجرح وكسرِ العضوِ وموجع الكلامِ، وفي هذا القول من البديع المطابقةُ والالتزام في قولها: شجَّك، فلَّك، بجَّك، جمع كلًّا لك. والتَّقسيم وبديع الوحي والإشارة بقولها: كلُّ داءٍ له داءٌ (٣). وهو من لطيف الوحي والإشارة، وهي جملة أنبأت بوجازةِ ألفاظها، وأعربتْ بلطائفِ إشاراتها عن معانٍ كثيرةٍ.

(قَالَتِ) المرأة (الثَّامِنَةُ) وهي ياسر بنت أوس بنِ عبدٍ، تمدحُ زوجها: (زَوْجِي المَسُّ) منه (مَسُّ أَرْنَبٍ) وصفتهُ بأنَّه ناعمُ الجلد (٤) كنعومة وبر الأرنبِ، أو كنَّت بذلك عن حسنِ خلقهِ، ولينِ جانبهِ (وَالرِّيحُ) منه (رِيحُ زَرْنَبٍ) أي: طيِّب العرقِ لنظافته واستعمالهِ الطِّيب والزَّرنَب: بزاي مفتوحة فراء ساكنة فنون مفتوحة فموحدة. قال في «القاموس»: طِيْبٌ أو شجرٌ طيِّبُ الرَّائحةِ والزَّعفرانِ، ويحتمل أن تكون كنَّت بذلك عن طيبِ الثَّناء عليه لجميلِ معاشرتهِ. وقال القاضي عياض: هذا من التَّشبيه بغير أداةٍ، وفيه حسن المناسبة والمقابلة بقولها: المسُّ مسُّ أرنبٍ، والالتزام في قولها: أرنبٍ وزرنبٍ، فإنَّها التزمت الراء والنون (٥)، وزاد الزُّبير بن


(١) في (ص): «بكسر الكاف».
(٢) في (م) زيادة: «في».
(٣) في (م): «دواء».
(٤) في (ب) و (م) و (د): «الجسد».
(٥) في (ص): «الروايتين».

<<  <  ج: ص:  >  >>