للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون اسمها آمنة ولقبها النَّوَار (وَهْيَ حَائِضٌ) جملةٌ حاليَّةٌ (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ) (رَسُولَ اللهِ عَنْ ذَلِكَ) عن حكم طلاقِ ابنهِ على الصِّفة المذكورة. زادَ الزُّهريُّ -كما في «التفسير» - عن سالم: «أنَّ ابنَ عمر أخبره فتغيَّظ فيه رسول الله » [خ¦٤٩٠٨] (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ) لعمر: (مُرْهُ) أصله: اُأْمره، بهمزتين الأولى للوصل مضمومة تبعًا للعين، مثل: اقتل، والثَّانية فاء الكلمة ساكنةٌ تبدَّل تخفيفًا من جنس حركةِ سابقتها، فتقول: أومر (١)، فإذا وصل الفعل بما قبله زالت همزةُ الوصل وسكِّنت الهمزةُ الأصليَّة كما في قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ﴾ [طه: ١٣٢]. لكن استعملها العربُ بلا همزةٍ (٢)، فقالوا: مُر (٣) لكثرة الدَّور، ولأنَّهم حذفوا أوَّلًا الهمزة الثَّانية تخفيفًا، ثمَّ حذفوا همزة الوصل استغناءً عنها لتحرُّك ما بعدها وكذا حكمُ أخذ وأكل، أي: مُر ابنك عبدَ الله (فَلْيُرَاجِعْهَا) والأمر للنَّدب عند الشَّافعيَّة والحنابلة والحنفيَّة. وقال المالكيَّة: وصحَّحه صاحبُ «الهداية» من الحنفيَّة للوجوب، ويجبر على مراجعتها ما بقي من العدَّة شيءٌ. قال ابنُ القاسم وأشهب وابنُ الموَّاز: يجبر عندنا بالضَّرب والسَّجن والتَّهديد. انتهى.

لنا: قوله تعالى: ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٣١] وغيرها من الآياتِ المقتضية للتَّخيير بين الإمساكِ بالرَّجعة أو الفراق بتركِها، فجمع بين الآيات والحديث بحملِ الأمر على النَّدب، ولأنَّ المراجعة لاستدراكِ النِّكاح، وهو غيرُ واجبٍ في الابتداء. قال الإمامُ: ومع استحبابِ الرَّجعة لا نقول إنَّ تركها مكروهٌ، لكن قال في «الرَّوضة»: فيه نظرٌ، وينبغي كراهته لصحَّة الخبر فيه ولدفع الإيذاءِ، ويسقط الاستحباب بدخول الطُّهر الثَّاني. وقال ابنُ دقيق العيد: ويتعلَّق بالحديث مسألةٌ أصوليَّةٌ، وهي الأمر بالأمر بالشَّيء، هل هو أمرٌ بذلك الشَّيء أم لا؟ فإنَّ النَّبيَّ قال لعمر: «مُرْهُ» فأَمره بأَمره، وقد أطال في «الفتح» البحث في هذه المسألة، والحاصلُ: أنَّ الخطاب إذا توجَّه لمكلَّفٍ أن يأمر مكلَّفًا آخر بفعل شيءٍ، كان المكلَّفُ الأوَّل مبلِّغًا محضًا، والثَّاني مأمورٌ من قبل الشَّارع كما هنا، وإن توجَّه من الشَّارع لمكلَّفٍ أن يأمرَ غير المكلَّف كحديث: «مُرُوا أَولَادَكُم بالصَّلَاةِ لِسَبعٍ» لم يكن الأمر بالأمر بالشَّيء أمرًا بالشَّيء لأنَّ الأولاد


(١) في (م) و (د): «أومره».
(٢) في (د): «بلا همز».
(٣) في (م) و (د): «مره».

<<  <  ج: ص:  >  >>