للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غير مكلَّفين، فلا يتَّجه عليهم الوجوب، وإن توجَّه الخطاب من غير الشَّارع بأمرِ مَن له عليه الأمر أن يأمرَ من لا أمر للأوَّل عليه، لم يكن الأمر بالأمر بالشَّيء أمرًا بالشَّيء أيضًا، بل هو مُتعدٍّ (١) بأمره للأوَّل أن يأمر الثَّاني.

(ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا) بإعادة اللَّام ويجوز تسكينها كقراءةِ ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩] فالكسر على الأصل في لام الأمر فرقًا بينها (٢) وبين لام التَّأكيد، والسكون للتَّخفيف إجراءً للمنفصلِ مجرى المتَّصل، والمرادُ الأمرُ باستمرار الإمساكِ لها، وإلَّا فالرَّجعة إمساكٌ، وفي رواية عُبيد الله بنِ عمر، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ -عند مسلمٍ-: «ثمَّ ليدعها» (حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ) حيضةً أخرى (ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَـ) ها (بَعْدُ) أي بعد الطُّهر من الحيض الثَّاني (وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَـ) ها (قَبْلَ أَنْ يَمَسَّـ) ها، أي: يُجامعها.

واختلف في علَّة هذه الغاية، فقيل: لئلَّا تصير الرَّجعة لمجرَّد غرضِ الطَّلاق لو طلَّق في أوَّل الطُّهر؛ بخلاف الطُّهر الثَّاني، وكما (٣) ينهى عن النِّكاح لمجرد الطَّلاق ينهى عن الرَّجعة له، ولا يستحبُّ الوطء في الطُّهر الأوَّل اكتفاءً بإمكان التَّمتُّع، وقيل: عقوبة وتغليظ، وعورض بأنَّ ابنَ عمر لم يكن يعلم تحريمَه. وأُجيب بأنَّ تغيُّظه (٤) دون أن يعذره يقتضي أنَّ ذلك في الظُّهور لا يكاد يخفى على أحدٍ. وفي مسلمٍ من روايةِ محمَّد بنِ عبدِ الرَّحمن، عن سالمٍ: «مُره فَليراجِعها، ثمَّ ليُطلِّقها طاهرًا أو حاملًا». قال الشَّافعي وابنُ عبدِ البرِّ: رواه جماعةٌ غير (٥) نافعٍ بلفظ: «حتَّى تطهُرَ منَ الحيضَةِ التِّي طلَّقَها فيها ثمَّ إنْ شَاءَ أمسَكَها» روايةُ يونس بن جبيرٍ وأنس بن سيرين وسالم، فلم يقولوا: ثمَّ تحيض ثمَّ تطهر. نعم رواية الزُّهريِّ عن سالمٍ موافقةٌ لرواية (٦) نافعٍ كما نبَّه عليه أبو داود، والزِّيادة من الثِّقة مقبولةٌ خصوصًا إذا كان حافظًا، واختلف في جواز تطليقها في الطُّهر الَّذي يلي الحَيضة التِّي وقع فيها الطَّلاق والرَّجعة، فقطع


(١) في (م): «معتد».
(٢) في (م): «بينهما».
(٣) في (ص): «لا».
(٤) في (د): «تغليظه».
(٥) في (م) و (د): «عن».
(٦) في (ص): «كرواية».

<<  <  ج: ص:  >  >>