للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنِ سِيرِينَ) أخي محمَّد بن سيرين أنَّه (قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ) (قَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ) آمنة (وَهْيَ) أي: والحال أنَّها (حَائِضٌ) وسقط قوله: «قال: طلَّق ابن عمر» لأبي ذرٍّ، وفي نسخةٍ بدل السَّاقط أنَّه: «طلَّق امرأته» وقال الكِرمانيُّ: فإن قلت: أين المطابقةُ بين المبتدأ والخبر؟ وأجاب بأنَّ التاء للفرق بين المذكَّر والمؤنَّث، وإذا كانت الصِّفة خاصَّةً بالنِّساء فلا حاجة إليها (فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ ) ذلك (فَقَالَ) : (لِيُرَاجِعْهَا) إلى عصمته من الطَّلقة التي أوقعها بالصِّفة المذكورة. قال أنسُ بنُ سيرين: (قُلْتُ) لابن عمر: (أتُحْتَسَبُ) طلقةً بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية؟ (قَالَ) ابنُ عمر: (فَمَهْ؟!) هي ما الاستفهامية أدخلَ عليها هاء السَّكت في الوقفِ مع أنَّها غير مجرورةٍ وهو قليلٌ، أي: فما يكون إن لم أحتسب (١)، أو هي كلمةُ كفٍّ وزجرٍ، أي: انزجر عنه، فإنَّه لا شكَّ في وقوع الطَّلاق وكونه محسوبًا في عدد الطَّلاق.

وهذا نصٌّ في موضع النِّزاع يردُّ على القائل بعدمِ الوقوع، فيجبُ المصير إليه، وعند الدَّارقطنيِّ من رواية شعبةَ، عن أنسِ بن سيرين، فقال عمرُ: يا رسول الله أفتحتسبُ بتلك الطَّلقة (٢)؟ قال: «نعم». وعنده أيضًا من طريق سعيدِ بن عبد الرَّحمن الجُمَحِيِّ، عن عُبيد الله ابن عمر، عن نافعٍ، عن ابنِ عمر: أنَّ رجلًا قال: إنِّي طلَّقت امرأتي البتَّة وهي حائضٌ، فقال: عصيتَ ربَّك وفارقتَ امرأتك، قال: فإنَّ رسولَ الله أمر ابنَ عمر أن يُرَاجع امرأتَه. قال (٣): إنَّه أمرَ ابن عمرَ أن يراجعَها بطلاقٍ بقي له، وأنت لم يبقَ لك ما ترتجعُ به امرأتكَ. وقد وافقَ ابن حزمٍ من المتأخِّرين التَّقيُّ ابن تيميَّة، واحتجُّوا له بما عند مسلمٍ من حديث أبي الزُّبير، عن ابنِ عمر فقال رسولُ الله : «ليُرَاجِعهَا» فردَّها، وقال: «إذَا طَهُرت فليُطلِّق أو لِيمسِك» وزاد النَّسائيُّ وأبو داودَ فيه: «ولم يرها شيئًا». لكن قال أبو داود: روى هذا الحديث عن ابنِ عمرَ جماعةٌ، وأحاديثهم كلُّها على خلافِ ما قال أبو الزُّبير، وقال أبو عمر ابن عبد البرِّ: لم يقلْها غير أبي الزُّبير، وليس بحجَّةٍ فيما خالفه فيه مثلُه، فكيف بمن هو أثبتُ منه، وقال الخطَّابيُّ: لم يرو أبو الزُّبير حديثًا أنكر من هذا. وقال الشَّافعيُّ فيما نقله البيهقيُّ في «المعرفة»: نافعٌ أثبتُ من أبي الزُّبير، والأثبتُ من الحديثين أولى أن يؤخذَ به إذا تخالَفا، وقد وافقَ نافعًا


(١) في (ب) و (س): «تحتسب».
(٢) في (م) و (د): «التطليقة».
(٣) في (م) و (د): «فقال».

<<  <  ج: ص:  >  >>