للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيره من أهل الثَّبتِ، وحمل قوله: «لم يرها شيئًا» على أنَّه لم يعدَّها شيئًا صوابًا، فهو كما يقال للرَّجل إذا أخطأ في فعلهِ أو أخطأ في جوابه: لم تصنعْ شيئًا، أي: لم تصنع شيئًا صوابًا. وقال الخطَّابيُّ: لم يرها شيئًا تحرمُ معه المراجعة، وقد تابعَ أبا الزُّبير غيرُه، فعندَ سعيدِ بن منصور من طريق عبدِ الله بنِ مالكٍ، عن ابن عمرَ: أنَّه طلَّق امرأتَهُ وهي حائضٌ، فقال رسولُ الله : «ليسَ ذلِكَ بشيءٍ» وكلُّ ذلك قابلٌ للتَّأويل، وهو أولى من تغليطِ بعض الثِّقات.

وقال (١) ابنُ القيِّم منتصرًا لشيخه ابن تيميَّة: الطَّلاق ينقسم إلى حلالٍ وحرامٍ، فالقياس أنَّ حرامه باطلٌ كالنِّكاح وسائر (٢) العقود، وأيضًا فكما أنَّ النَّهي يقتضي التَّحريم فكذلك يقتضِي الفساد، وأيضًا فهو طلاقٌ منع منه الشَّرع، فأفاد منعُه عدم جواز إيقاعهِ، فكذلك يفيدُ عدم نفوذِه، وإلَّا لم يكن للمنعِ فائدة؛ لأنَّ الزَّوج لو وكَّل رجلًا أن يطلِّق امرأتَه على وجهٍ، فطلَّقها على غيرِ الوجه المأذون فيه لم ينفُذ (٣)، فكذلك لم يأذن الشَّارع لمكلَّفٍ في الطَّلاق إلَّا إذا كان مباحًا، فإذا طلَّق طلاقًا محرَّمًا لم يصحَّ، وأيضًا فكلُّ ما (٤) حرَّمه الله من العقودِ مطلوب الإعدام (٥)، فالحكمُ ببطلان ما حرَّمه (٦) أقربُ إلى تحصيلِ هذا المطلوب من تصحيحهِ، ومعلومٌ أنَّ الحلالَ المأذون فيه ليس كالحرامِ الممنوع منه، ثمَّ ذكرَ معارضاتٍ (٧) أُخرى لا تنهضُ مع التَّنصيص على صريحِ الأمر بالرَّجعة، فإنَّها فرعُ وقوع الطَّلاق وعلى تصريحِ صاحب القصَّة بأنَّها حُسبتْ عليه تطليقة، والقياسُ في معارضةِ النَّص فاسدُ الاعتبارِ. انتهى ملخصًا من «الفتح».

وقد عطف المؤلِّف على قوله في السَّند (٨): عن أنسِ بن سيرين قولَه (٩): (وَعَنْ قَتَادَةَ) بن


(١) في (م): «ذكر».
(٢) في (م): «كسائر».
(٣) في (د): «ينعقد».
(٤) في (م) و (ص): «فكلما».
(٥) في (م) و (د): «الإعلام».
(٦) في (م) زيادة: «الله فكما حرمه الله»، وفي (د): «حرمه الله».
(٧) في (م): «معارضتان».
(٨) في (ب) و (د): «السنة».
(٩) في (د): «من قوله».

<<  <  ج: ص:  >  >>