للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فاختلعتْ لم يصحَّ للإكراهِ، ووقعَ الطَّلاق رجعيًّا إن لم يسمِّ المال، فإن سمَّاه أو قال: طلَّقتك بكذا، وضربها لتقبل فقبلتْ لم يقعِ الطَّلاق لأنَّها لم تقبلْ مختارةً، والله أعلم.

(وَأَجَازَ عُمَرُ) (الخُلْعَ دُونَ) حضور (السُّلْطَانِ) الإمام الأعظم، أو نائبهِ، أو بغير إذنهِ، وصله ابنُ أبي شَيبة في «مصنفه» ولفظه -كما قرأته فيه-: أُتي بشر بن مروان في خُلعٍ كان بين رجلٍ وامرأتهِ فلم يُجزه، فقال له عبدُ الله بن شهابٍ الخولانيُّ: شهدتُ عمرَ بن الخطَّاب أُتي بخلعٍ كان بين رجلٍ وامرأتهِ فأجازه.

قال في «الفتح»: وأرادَ البخاريُّ بإيرادِ ذلك الإشارة إلى ما أخرجه سعيدُ بن منصورٍ: عن الحسن البصريِّ، قال: لا يجوزُ الخلع دون السُّلطان. ولفظ ابن أبي شيبة، قال: هو عند السُّلطان. واستدلَّ له أبو عُبيد بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وبقوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ [النساء: ٣٥] قال: فجعلَ الخوف لغير الزَّوجين، ولم يقل: فإن خافا، قال: فالمراد الولاية (١). وردَّه النَّحَّاس بأنَّه قولٌ لا يساعده الإعرابُ ولا اللَّفظُ ولا المعنى، وإذا كان الطَّلاق جائزًا دون الحاكمِ فكذلك الخُلع، وأمَّا الآية فجرتْ على الغالب، كما مرَّ.

(وَأَجَازَ عُثْمَانُ) (الخُلْعَ) ببذل كلِّ ما تملك (دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا) بكسر العين وفتح القاف آخره صاد مهملة: الخيط الَّذي تَعقص به أطرافَ رأسها.

وهذا وصلَه أبو القاسم بن بِشران (٢) في «أماليه»: عن الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ، قالت: «اختلعتُ من زوجِي بما دونَ عِقاص رأسِي فأجازَ ذلك عثمان» وأخرجه البيهقيُّ وقال في آخره: فدفعتُ إليه كلَّ شيءٍ حتَّى غلَّقتُ (٣) البابَ بيني وبينه. وعند ابن سعدٍ: فقال عثمان -يعني: لزوج الرُّبيع-: خُذ كلَّ شيءٍ حتَّى عِقاصَ رأسها.

(وَقَالَ طَاوُسٌ) فيما وصلَه عبد الرَّزَّاق عن ابن جُريجٍ، قال: أخبرني ابنُ طاوس، وقلتُ له: ما كان أبوك يقول في الفِداء؟ قال: كان يقولُ ما قال الله تعالى: (﴿إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ﴾) أي: (فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي العِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ) قال ابنُ


(١) في (م) و (د): «الولاة».
(٢) في (ب): «سروان»، وهو تصحيف.
(٣) في (د): «أجفت».

<<  <  ج: ص:  >  >>