للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث أمِّ سلمة المرويِّ في «الموطَّأ» وأبي داود والنَّسائيِّ قالت: قال رسولُ الله : «لا تلبسُ المتوفَّى عنهَا زوجهَا المعصفرَ من الثِّيابِ، ولا الممشَّقةَ، ولا الحليَّ، ولا تختضِبُ، ولا تكتحِلُ».

والظَّاهر: أنَّ الفعلَ مجزومٌ على النَّهي، وحديثُ أبي داود: «لا تحدُّ المرأةُ فوقَ ثلاثٍ إلَّا على زوجٍ فإنَّها تحدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا» وهو أمرٌ بلفظ الخبر؛ إذ ليس المرادُ معنى الخبر فإنَّ المرأةَ قد لا تحدُّ، فهو على حدِّ قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] والمراد به الأمرُ اتِّفاقًا، والتَّقييد بالمرأةِ خرج مَخرج الغالب، فيجبُ الإحدادُ على الصَّغيرة كالعدَّةِ، والمخاطَب الوليُّ، فيمنعُها ممَّا تُمنع منه المعتدَّة، وهذا مذهبُ الجمهور خلافًا للحنفيَّة، وشَمِل قوله: المرأة، المدخول بها وغيرها والحرَّة والأمَة، والتَّقييد بالإيمانِ بالله ورسولهِ لا مفهومَ له، كما يُقال: هذا طريقُ المسلمين، وقد يسلكه غيرهم.

(قَالَتْ زَيْنَبُ) بنتُ أبي سلمَة بالسَّند السَّابق، وهذا هو الحديثُ الثَّالث: (وَسَمِعْتُ) أمِّي (أُمَّ سَلَمَةَ، تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ) اسمها: عاتكةُ بنت نُعيم بن عبد الله بنِ النَّحَّام، كما في «معرفة الصحابة» لأبي نُعَيم (إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّي عَنْهَا زَوْجُهَا) المُغيرة المخزوميُّ، وروى الإسماعيليُّ في مسند يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ تأليفه (١) من طريق يحيى المذكور عن حميد بنِ نافع، عن زينبَ بنت أمِّ سلمة، عن أمِّ سلمة قالت: جاءتْ امرأةٌ من قريشٍ. قال يحيى: لا أدري أَبنت النَّحَّام أم أمُّها بنت سعد، ورواه الإسماعيليُّ من طرقٍ كثيرةٍ فيها التَّصريح بأنَّ البنتَ هي عاتكةُ، فعلى هذا فأمُّها لم تسمَّ، قاله الحافظ ابن حجرٍ.

(وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا) بالرفع على الفاعليَّة، وعليه اقتصرَ النَّوويُّ في «شرح مسلم»، ونُسبت الشِّكايةُ إلى نفس العين مجازًا، ويؤيِّده رواية مسلم: «اشتكتْ عيناها» بلفظ التَّثنية، ويجوز النَّصب وهو الَّذي في «اليونينيَّة» على أنَّ الفاعل ضميرٌ مستترٌ في: اشتكتْ، وهي المرأة، ورجَّحه المنذريُّ. وقال الحريريُّ: إنَّه الصَّواب وأنَّ الرَّفع لحنٌ.

قال في «درة الغوَّاص»: لا يقال: اشتكتْ عينُ فلانٍ، والصَّواب: أنْ (٢) يقال: اشتكَى فلانٌ عينَهُ


(١) في (م) و (د): «بالسند».
(٢) في (د): «فلان وإنما».

<<  <  ج: ص:  >  >>