للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جهتيِ الشَّعر بالمسح، وعلى هذا يختصُّ ذلك بمن له شعرٌ ينقلب إلى أن ينتهيَ إلى مُقدَّمه؛ لظاهر قوله: «أقبل بهما وأدبر»، ويدلُّ عليه أنَّ الواو لا تقتضي التَّرتيب، وسيأتي عند المصنِّف قريبًا في رواية سليمان بن بلالٍ: «بيديه فأدبر وأقبل» [خ¦١٩٩] فلم يكن في ظاهره حجَّةً لأنَّ الإقبال والإدبار من الأمور الإضافيَّة، ولم يعيِّن ما أقبل إليه ولا ما أدبر عنه، ومخرج الطَّريقين متَّحدٌ، فهما بمعنًى واحدٍ، وعَيَّنت رواية مالكٍ البُداءة بالمُقدَّم، فيُحمَل قوله: «أقبل» على أنَّه من تسمية الفعل بابتدائه، أي: بدأ به قبل الرَّأس (١)، وإِلَّا فلا حاجة إلى الرَّدِّ، فلو ردَّ لم يُحسَب (٢) ثانيةً لأنَّ الماء صار مُستعمَلًا، وهذا التَّعليل يقتضي أنَّه لو ردَّ ماء المرَّة الثَّانية حُسِب ثالثةً (٣) بناءً على الأصحِّ من أنَّ المُستعمَل في النَّفل طهورٌ، إلَّا أن يقال: السُّنَّة كون كلِّ مرَّةٍ بماءٍ جديدٍ، والجملة من قوله: «بدأ» عطف بيانٍ لقوله: «فأقبل بهما وأدبر»، ومن ثمَّ لم تدخلِ الواو على قوله: «بدأ»، والظَّاهر أنَّه ليس مُدرَجًا من كلام مالكٍ، بل هو من الحديث، وفيه حجَّةٌ على من قال: السُّنَّة أن يبدأ بالمُؤخَّر (٤)، ولا يُقال: هو بيانٌ للمسح الواجب، كما قال به مالكٌ وابن عيينة (٥) وأحمد في روايةٍ وأصحاب مالكٍ غير أشهب، فبيانه واجبٌ لأنَّه يلزم منه وجوب الرَّدِّ إلى المكان الذي بدأ منه، ولا قائلَ بوجوبه، ويلزم أن يكون تثليث الغَسل وتثنيته واجبين لأنَّهما بيانٌ أيضًا، فالحديث ورد في الكمال، ولا نزاعَ فيه بدليل أنَّ الإقبال والإدبار لم يُذكَرا في غير هذا الحديث، وقد وقع في رواية خالد بن عبد الله الآتية قريبًا في «باب من مضمض (٦) واستنشق من غَرْفةٍ واحدةٍ»:


(١) قوله: «إلى أن ينتهيَ إلى مُقدَّمه … الفعل بابتدائه، أي: بدأ به قبل الرَّأس» مثبتٌ من (م).
(٢) في غير (ص) و (م): «تحسب».
(٣) في (د): «له».
(٤) قوله: «وفيه حجَّةٌ على من قال: السُّنَّة أن يبدأ بالمُؤخَّر» مثبتٌ من (م).
(٥) في غير (د) و (م): «عليَّة»، وهو تحريفٌ.
(٦) في غير (م): «من باب تمضمض».

<<  <  ج: ص:  >  >>