للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توضَّأ فحسر العمامة عن رأسه»، قال ابن حجرٍ: وهو مُرسَلٌ، لكنَّه اعتُضِد من وجهٍ آخرَ موصولًا أخرجه أبو داود من حديث أنسٍ، وفي إسناده (١) أبو معقلٍ لا يُعرَف حاله، فقد اعتضد كلٌّ من المُرسَل والموصول بالآخر، وحصلت القوَّة من الصُّورة (٢) المجموعة، وهذا مثالٌ لِما ذكره الشَّافعيُّ من أنَّ المُرسَل يعتضد بمرسلٍ آخرَ أو مُسنَدٍ، وصحَّ عنِ ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرَّأس، قاله ابن المنذر وغيره، ولم يصحَّ عن أحدٍ مِنَ الصَّحابة إنكار ذلك، قاله ابن حزمٍ، وهذا كلُّه ممَّا يُقوَّى به المُرسَل. انتهى. وقد روى مسلمٌ من حديث (٣) المغيرة بن شعبة: «أنَّه توضَّأ فمسح بناصيته وعلى العمامة (٤)»، فلو وجب الكلُّ لمَا اقتصر على النَّاصية، وأمَّا استدلال الحنفيَّة على إيجاب مسح ربع الرَّأس بمسحه بالنَّاصية، وأنَّه بيانٌ للإجمال في الآية لأنَّ النَّاصية ربع الرَّأس، فأُجِيب عنه بأنَّه لا يكون بيانًا إلَّا إذا كان أوَّل مسحه كذلك بعد الآية، وبأنَّ قوله: «بناصيته» يحتمل بعضها، كما سبق نظيره في «برؤوسكم»، وقد ثبت وجوب أصل المسح، فجاحده كافرٌ لأنَّه قطعيٌّ، واختُلِف في مقداره، فجاحده لا يُكفَّر لأنَّه ظنِّيٌّ (ثُمَّ غَسَلَ) (رِجْلَيْهِ) أطلق الغَسل فيهما، ولم يذكر فيه تثليثًا ولا تثنيةً، كما سبق في بعض الأعضاء إشعارًا بأنَّ الوضوء الواحد يكون بعضه (٥) بمرَّةٍ، وبعضه بمرَّتين، وبعضه بثلاثٍ وإن كان الأكمل التَّثليث في الكلِّ ففعله بيانًا للجواز، والبيان بالفعل أوقع في النُّفوس منه بالقول، وأبعد من التَّأويل.

ورواة هذا الحديث السِّتَّة كلُّهم مدنيُّون إلَّا شيخ البخاريِّ، وقد دخلها، وفيه: رواية الابن عن الأب، والتَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف في «الطَّهارة» [خ¦١٩١]، ومسلمٌ فيها، والتِّرمذيُّ مُختصَرًا، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.


(١) في (م): «سنده».
(٢) في (ص): «الصور».
(٣) في (م): «طريق».
(٤) في (م): «عمامته».
(٥) «بعضه»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>