للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرَّضَاعَةَ﴾) بيانٌ لِمن (١) توجَّه إليه الحُكم، أي: هذا الحُكم لمنْ أرادَ إتمامَ الرَّضاع (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٣]) لا تخفَى عليه أعمالُكم فهو يجازيكُم عليها (وَقَالَ) تعالى: (﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ﴾) ومدَّة حملهِ وفطامهِ (﴿ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ [الأحقاف: ١٥]) استدلَّ عليٌّ بهذهِ الآيةِ مع الَّتي في لقمان: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان: ١٤] وقوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ على أنَّ أقل مدَّة الحمل ستة أشهرٍ، وهو -كما قاله ابن كثيرٍ- استنباطٌ قويٌّ صحيحٌ، ووافقه (٢) عليه عُثمان وغيرُه من الصَّحابة ، فروى محمَّد بن إسحاقٍ عن بعجة (٣) بن عبد الله الجُهَنِيِّ قال: تزوَّج رجلٌ منا امرأةً من جُهينة فولدَتْ لتمامِ ستَّة (٤) أشهرٍ، فانطلَقَ زوجها إلى عثمان فذكرَ ذلك له، فبعثَ إليها فلَّما قامتْ لتلبس ثيابَها بكتْ أختها، فقالت: ما يُبكيكِ؟ فوالله ما التبسَ بي أحدٌ من خلقِ الله غيره قطُّ، فيقضِي الله فيَّ ما شاء، فلَّما أتي بها عثمان أمرَ برجمِها، فبلغَ ذلك عليًّا فأتاهُ فقالُ له: ما تصنعُ؟ قال: ولدَت تمامًا (٥) لستَّةِ أشهرٍ وهل يكون ذلك؟ فقال له عليٌّ: أمَا تقرأُ القرآنَ؟ قال: بلى. قال: أمَا سمعتَ الله تعالى يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ وقال: ﴿حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ فلم تجدْه (٦) بقيَ إلَّا ستة أشهرٍ، فقال عثمانُ: والله ما فَطِنت لهذا، عليَّ بالمرأةِ قال: فوجدُوها قد فُرِغ منها. رواه ابنُ أبي حاتم.

(وَقَالَ) تعالى: (﴿وَإِن تَعَاسَرْتُمْ﴾) أي: تضايقتُم فلم ترضَ الأمُّ بما تُرضع به الأجنبيَّة، ولم يَزِد (٧) الأب على ذلك (﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾) فستوجدُ (٨) ولا تعوزُ (٩) مرضعة غير الأمِّ تُرضعه، وفيه طرفٌ من معاتبةِ الأمِّ على المعاسرةِ، وقوله: ﴿لَهُ﴾ أي: للأب، أي: سيجدُ الأبُ غيرَ مُعاسرة


(١) في (ب): «لما».
(٢) في (م) و (د): «وافقه».
(٣) في كل النسخ: «معمر»، والتصحيح من «تفسير ابن أبي حاتم» والحديث رواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط عن بَعْجة بن عبد الله الجهني.
(٤) في (ص): «لستة».
(٥) في (م) و (د): «تامًا».
(٦) في (ب) و (س): «تجد قد».
(٧) في (د): «يرض».
(٨) في (م): «فستؤجر».
(٩) في (م): «يجوز».

<<  <  ج: ص:  >  >>