للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُرضع له وَلده إنْ عاسرتْهُ أمُّه، وفيه: أنَّه لا يجبُ على الأمِّ إرضاع (١) ولدها. نعم، عليها إرضاعُه اللَّبأ -بالهمزة والقصر- بأجرةٍ وبدونها (٢) لأنَّه لا يعيشُ غالبًا إلَّا به، وهو اللَّبن أوَّل الولادةِ، ثمَّ بعدَه إنْ انفردتْ هي أو أجنبيَّة وجبَ إرضاعُه على الموجودةِ (٣) منهما، وله إجبارُ أمتهِ على إرضاع ولدها منه أو من غَيره لأنَّ لبنَها ومَنافعها له بخلافِ الحرَّة (﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ﴾) أي: لِيُنفق كلُّ واحدٍ من المُوسر والمُعسر ما بلغَهُ وسعهُ، يريد: ما أُمر (٤) به من الإنفاقِ على المطلَّقات والمرضعاتِ (﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾) أي: ضُيِّق عليه، أي: رزقه الله على قدرِ قُوتِه (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ [الطلاق: ٦ - ٧]) أي: بعد ضيقٍ في المعيشة سِعَة، وهذا وعدٌ لذي العُسر باليُسر، ووعدُه تعالى حقٌّ وهو لا يخلفُهُ. قال في «فتوح الغيب»: يقال: إنَّه موعدٌ لفقراءِ ذلك الوقت، ويدخلُ فيه فقراءُ الأزواجِ دخولًا أولويًّا.

(وَقَالَ يُونُسُ) بن يزيد الأَيْليُّ فيما وصَله عبدُ الله بن وهب في «جامعه» (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ: (نَهَى اللهُ تَعَالَى أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا) في قوله جلَّ وعلا: ﴿لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ (٥) إِلاَّ وُسْعَهَا لَا تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] (وذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الوَالِدَةُ) للوالدِ: (لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ) أو تطلب منه ما ليس بعدلٍ من الرِّزق والكسوةِ، وأن تُشغلَ قلبه بالتَّفريط في شأنِ الولَد، وأن تقولَ بعدما ألفها الولَد: اطلبْ له ظِئرًا وما أشبَه ذلك (وَهْيَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً) بمعجمتين أولاهما مكسورة (٦) (وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى) إِرضاعه (بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا) الوالد (مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللهُ عَلَيْهِ) من الرِّزق والكسوة (وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ) أي: بسبب ولَده (وَالِدَتَهُ فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ) وهي تريدُ إرضاعه (ضِرَارًا لَهَا) منتهيًا (إِلَى) رَضَاع (غَيْرِهَا) فإلى متعلِّقٌ بيمنعها (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) أي: الأبوين (أَنْ يَسْتَرْضِعَا) ظئرًا (عَنْ طِيبِ نَفْسِ الوَالِدِ وَالوَالِدَةِ فَإِنْ) بالفاء، ولأبي ذرٍّ: «وإن» (أَرَادَا فِصَالًا


(١) في (د): «رضاع».
(٢) في (ب): «بدنها».
(٣) في (م): «المؤجرة».
(٤) في (م) و (د): «أمره».
(٥) في (د): «لا يكلف الله نفسًا».
(٦) في (ص): «مكسور».

<<  <  ج: ص:  >  >>