مدارك الحديث، ومما يدلك على رد قوله غفر الله له ما تقدم الخ أن الحافظ ابن حجر العسقلاني ألف رسالة في الفضائل المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة، ولم يعرج فيها على حديث عكا، وأما نقل الناجي له في رسالته إن صح نسبتها له، فالناجي ليس من أئمة هذا الِشأن، الذين لهم القدح المعلا كما لا يخفى على من عرف أهل هذا اللسان، وكون عينها من شرب منها أو اغتسل كان طاهراً إلى يوم القيامة، هذا أدهى وأمر، فما معنى طهور الشارب والمغتسل إلى يوم القيامة، فإن كان من الجنابة ولو أجنب من بعد، فهذا مذهب أهل المعمودية، وهو منابذ لصريح الشريعة المحمدية، وإن كان طاهراً من الذنوب، فهو شيء لم يثبت للشارب المغتسل من زمزم المرغوب، وإن كان غير ذلك فلا ندريه.
والحاصل أنه لا معنى له فقبح الله واضعه، فإنه ما أراد إلا تنقيص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إما جاهل مفسد، أو زنديق ملحد. وأما حديث الجوهري وصاحب المختار: طوبى لمن رأى عكا فهو من وادي الأول فإن المساجد الثلاثة التي شرفها الله تعالى بالنص والإجماع لم يرد فيها طوبى لمن رآها، ولا يغتر بذكره في الكتابين المذكورين، فإن أصحابهما ليس لهما قدم في السنة، ولا يجوز أخذ حديث من كتاب إلا بعد مراجعة أصوله المعتمدة، والقاعدة السابقة في البلدان ترده، والبينة على المدعي، فإن قواعد الأئمة لا تعارض إلا بثقل ثابت عن أثبات الأمة، وهذا الإمام الرافعي إمام السنة والتفسير والفقه المجمع على جلالته، أورد أحاديث في كتاب: التدوين، في مناقب قزوين ومرو وبخارى ونصيبين، فأقامت عليه علماء الأمة القيامة، ورموه بقوس واحدة مع أنه إمام علامة. والاغترار بكل ما سطر ليس على الفضل علامة، وطوبى هذه ليست طوبى الجنات بل هي طوبى تحتها عقارب وحيات، وكم من حديث فيه طوبى لا يساوي عند الأعلام طوبى، وأما عينها عين البقر، ففضلها مفترى منكر، غير معتبر.