داوي جوى بجري وليس بحازم ... من يستكف النار بالحلفاء
وقال آخر:
من يشف من داء بآخر مثله ... أشرت جوانحه من الأدواء
وقال آخر:
وما كنت إلا مثل قاطع كفه ... بكف له أخرى فأصبح أجذما
والجزم فيما قاله الشاعر:
قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت أصابني سهمي
على أن الدنيا دار زوال، ومنزل ارتحال، ولا يليق بالعاقل أن ينافس فيما يزول، ويوجه وجه آماله ما للفناء يؤول، كما قيل:
منافسة الفتى فيما يزول ... على نقصان همته دليل
ومختار القليل أقل منه ... وكل فوائد الدنيا قليل
ولا يغتر الفتى بقول الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
بل يتأمل قول الآخر:
قلت للفرقدين والليل ملق ... سود أكنافه على الآفاق
ابقيا ما استطعتما فسيرمى ... بين شخصيكما بسهم فراق
ولقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من جار السوء في دار المقامة، إشارة إلى أن جار الدنيا يتحول عنك أو تتحول عنه، وإنه لا يليق الضجر منه ولا السآمة، ومن المعلوم أن الدنيا إن بقيت لها لم تبق لك، فطوبى لمن جعلها قنطرة لآخرته فمر بها على هذا القصد وسلك، وويل لمن اغتر بسكونها وهي تمر مع السكون كالظل مر السحاب، وظنها