قد طنب الأندال في ساحاته ... بل أطنبوا وبنو المكارم فوضوا
ويقيم منه على ودادك حجة ... ويظن جهلاً أنها لا تنقض
يا أيها الراجي لخلب برقه ... خذ بالأصول ودع عوارض تعرض
فلقد رجوت من التيوس حلوبة ... ومخضت ماء مثله لا يمخض
تالله لو أني فرغت لثلبهم ... بالفكر واستنهضت ما يستنهض
لسللت سيف الهجر حتى أنني ... لم يبق في كفي إلا المقبض
لكن أبى طبعي الطهور لأنه ... يوماً برجس صفاتهم يتمضمض
وشغلت من هجوي بمدحة سيد ... لمديحه يلغى المهم ويرفض
من بات للرحمن عبداً كله ... وسواه عبد في العبيد مبغض
نجم أدارته السعود على ذرى ... قطب تراه عن العلا لا يقرض
شيخ الحقائق بل مراد الهنا ... من خلقه الناهض المستنهض
فلأمدحن جنابه بجوارحي ... وجوانحي سخط الحواسد أو رضوا
وبظاهري وبباطني وبكل من ... بت شعرة وبكل عرق ينبض
فالمدح يكره للفتى في كل ذي ... بخل وأما في علاء فيفرض
فهو المحبب للقلوب وغيره ... أبداً وإن راق العيون مبغض
شهم إذا أبطأت عنه جاءني ... من فيض راحته نوال مفوض
من لم يرش بالجود منه جناحه ... كرماً فذاك إلى العلا لا ينهض
ما ساءني دهري بوجه أسود ... إلا بدا لي منه وجه أبيض
بر يريك خضم بحر زاخر ... فالحلم منه كالندى يتفضفض
إن ليم زاد على الملام كأنما ... هو بالملام على النوال يحرض
عجباً لقوم أبصروه شمسهم ... فتطاولوا لمناله وتعرضوا
ورأوه ملء صدورهم وعيونهم ... كالليث في صدر المجالس يربض
فتحوا لأقوال الوشاة عيونهم ... جهلاً وعن بادي المزايا غمضوا