أن تدرك القمر " وأما ما تعاليت به علي، قائلة أن نورك مني وإلي فالفرع قد يشرف أباه، أحب ذلك أو أباه:
إنما الورد من الشوك وما ... يخرج النرجس إلا من بصل
فلا غرو أني القمر المنير، ذو الشأن الخطير، بسنائي تطيب القلوب، وعلى ضيائي يجتمع المحب والمحبوب، فالأفراح لا يتم سرورها إلا بحضرتي، والراح لا يكمل حبورها إلا لدى طلعتي، وكم من ذي جفن ساهر، وذهن حائر، وطرف جائل، ودمع سائل، وقلب ذائب، وكرب دائب، يبث لي شكواه، وينث لي بلواه، وكم من كلف يحن إلي، لما يرى من شبهي بالحبيب، ودنف يئن لدي كأني لدائه طبيب، فأنا الشقيق لأهل الحسن والجمال، والشفيق على من صبا عشقاً ومال، إن أنكر المحبوب وجد الحبيب، أجابه سل أخاك فإنه علي رقيب، وما أعذب ما قاله ابن سهل الهمام، في هذا المقام:
سل في الظلام أخاك البدر عن سهري ... تدري النجوم كما تدري الورى خبري
مع أني شريك ذوي السها دليلا، والهائم معهم بجمال سعدى وليلى، فأنا رئيس ديوان الصبابة، وأنيس من فوق له الهوى سهم الحب فأصابه.
فما شرب العشاق إلا بقيتي ... ولا وردوا في الحب إلا على وردي
خلا أني أقرب الكواكب إلى عالم الإنسان، وأعذبهم في تمام الحسن وكمال الإحسان، فلذا جمالي باد، لكل حاضر وباد، تقر الأعين برؤيتي، وتشتهي الأنفس شهود طلعتي، فغرتي طالع السعد والبشر، وسمائي موطن آدم أبي البشر، فلتكف الشمس عن مضاهاتي، ولتمسك عن مساجلتي ومباهاتي، ولتحاول غير هذه الشطة، قبل وقوعها معي في أعظم ورطة،