في شأنه إلى القسطنطينية، واسترضى الدولة بموجب إرادة سنية، ورفع عنه تلك الشدة، بعدما أقام في الحصار مدة، وصار له عليه حق الجميل والإحسان، على مدى السنين والأزمان، غير أن عبد الله باشا كبرت نفسه بعد ذلك عليه، وجحد فضل محمد علي باشا وإحسانه إليه، وحصول العفو له على يديه، وسلك معه سلوك اللئام، الذين لا عهد لهم ولا ذمام، وتكلم في حقه بما لا يليق من الكلام، فلما بلغ محمد علي باشا هذا الخبر، زاد به الغيظ والكدر، وكتب إلى حضرة السلطان محمود خان، يعلمه بهذا الشأن، ويلتمس من جلالته، خلع عبد الله باشا عن ولايته، فلم يكترث بخطابه، ولا أجابه على كتابه، واستعظم منه ذلك الأمر، ورآه من عجائب الدهر، ولم يعد يمكنه الاصطبار، على ذلك الذل والعار، فجهز ولده المعلوم بالعناد، والمبغوض لدى العباد، إبراهيم باشا رأس الفساد وخراب البلاد، أن يسير لحرب الديار الشامية، وأردفه بالعمارة البحرية، وأصحبه بثلاثين ألفاً من العسكر، الذين لا يبالون بالخطر، ولا يهابون الموت الأحمر، فسارت العساكر، بالمهمات والذخائر، قاصدة الديار الشامية، على طريق البرية، وأما القائد العام، لهؤلاء العساكر الطغام، وهو إبراهيم باشا فإنه نزل في العمارة البحرية، مع باقي الجيوش العسكرية، وكان من جملة معاونيه، عباس باشا ابن أخيه، وإبراهيم باشا الصغير، وغيرهما من القواد المشاهير، وكانت العمارة المصرية، مؤلفة من ست عشرة قطعة حربية، وسبع عشرة سفينة وسقية، تحت رياسة أحد القوادين من الضباط المصرية، عثمان بك نور الدين، وكان خروجه من بغاز الإسكندرية، في غزو جمادى الأولى سنة ١٢٤٧ هجرية، فوصل في خمسة أيام، إلى حيفا إحدى أساكل بر الشام، وهي بلدة تبعد عن عكا ثلاث ساعات، وأهلها