للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبنى أتراساً متينة، على تل هناك تجاه المدينة، ويقال له تل الفخار، ووضع عليه المدافع والقنابل الكبار، وأرسل إلى عبد الله باشا يقول، ضمن كتاب مع رسول، أن يسلم المدينة، بطريقة أمينة، ويربح دم العباد، وسلامة البلاد، ويبادر إلى ملتقاه، ويعتذر مما جناه، ويدخل تحت لواء الحضرة الخديوية، ويعيش باقي أيامه في عيشة رغد ورفاهية، وعين له أجلاً للحضور وتسليم الحدود والثغور، إن تجاوزه ولم يخضع لأمره، يضربه بالمدافع ويجعل كيده في نحره، وحينئذ يأخذ أسيراً، ويرسله إلى مصر ذليلاً حقيراً، ولا يعود يفيده الندم، بعد فوات الفرصة وزلة القدم، فلما وقف على كتابه، وفهم فحوى خطابه، شق ذلك عليه، وعظم الأمر لديه، وحدثه عقله السقيم، بعدم الطاعة والتسليم، وتصلب على المحاصرة والمقاومة، وأصر على المدافعة والمصادمة، ورفض أمر الصلح والمسالمة، وسعى بسوء تدبيره، على خرابه وتدميره، ولم يعلم أن أيامه قد مضت، ومدة أحكامه زالت وانقضت، واستمرت بينهما المخابرة نحو عشرة أيام، وعبد الله باشا يحاوله بالكلام، ولا يقدر عواقب الأيام، وكان مستر بيتر أبوت، قنصل دولة الإنكليز في بيروت، لما بلغته هذه الأخبار، سار قاصداً تلك الديار، واجتمع في إبراهيم باشا في الخيام، بعد مسيرة ثلاثة أيام، وأخذ يلومه بالكلام، على قدومه إلى بر الشام، بدون رخصة سنية، من الدولة العلية، بقوله له أن هذا العمل، لا توافق عليه بقية الدول، لا سيما الدولة الإنكليزية، المتحدة مع الدولة العثمانية، على حفظ الصداقة وإخلاص الطوية، فاغتاظ إبراهيم باشا منه وتأثر، غير أنه لم يظهر له من غيظه ما أضمر، وقال له اعلم، أيها الصديق الأكرم؛ أني حضرت بالعساكر

<<  <   >  >>