الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، أحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار.
وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار.
وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
أما بعد: أيها الفضلاء! أحمد الله الذي هيأ لنا هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة، ليلة الجمعة التي يستحب فيها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه في الحديث أنه قال:(إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة علي فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ -يعنون: بليت- فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).
أسأل الله سبحانه كما جمعنا في هذا المسجد المبارك، أن يجمعنا في جنات النعيم، وأن يرزقنا لذة النظر إلى وجهه الكريم، وأن يجعلنا إخواناً على سرر متقابلين.
إخوتي الكرام! عنوان هذه الكلمة: حمّالة الحطب، أقول في مقدمتها: ما أكثر الشخصيات التي تحدث عنها القرآن، وهي على نوعين: النوع الأول: شخصيات مؤمنة برة تقية، ملأت الأرض نوراً وعدلاً وهدىً ورحمة، كأنبياء الله ورسله وأوليائه وصالحي عباده، جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً.
النوع الثاني: شخصيات ملأت الأرض ظلماً وجوراً وبطشاً، وتحدث عنها القرآن بما فيها، ومن هؤلاء: حمّالة الحطب زوجة أبي لهب العوراء، أم جميل بنت حرب، التي توعدها ربنا جل جلاله هي وزوجها بنار ذات لهب، {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:١] قال أهل التفسير: التباب هو الخسار، كما في قوله جل جلاله:{وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}[غافر:٣٧] أي: في خسار.