يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله في (الظلال): ولا بد أن نقف أمام بعض التعبيرات الرائقة في هذه الآية المباركة التي تدل على أدب القرآن، يقول الله عز وجل:((أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ))، ولم يقل سبحانه: أو ذهبتم فعملتم كذا وكذا، أي: بلتم وتغوطتم وخرجت منكم الفضلة والأذى، ولا قال سبحانه: أو جئتم من الغائط، وإنما قال:((أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ))، وهذا يدل على أدب الخطاب، واستعمل الكناية هنا ليكون هذا الأدب نموذجاً للبشر حين يتخاطبون.
وكذلك حين يعبر الله عما يكون بين الرجل والمرأة فإنه لا يعبر بتعبيرات مكشوفة أو ألفاظ فاضحة، وإنما يقول:((أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ))، ويقول في آية أخرى:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}[النساء:٢١]، وفي آية ثالثة يقول:{هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة:١٨٧]، ويقول في آية رابعة:{أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}[آل عمران:٤٧]، هذا هو تعبير القرآن في الحديث عن مثل هذه الشئون.