[قول الله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء)]
النداء السابع والعشرون من نداءات الرحمن لأهل الإيمان في الآية الرابعة والأربعين بعد المائة من سورة النساء: يقول ربنا تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا}[النساء:١٤٤].
هذه الآية ناطقة بما دلت عليه آيات أخرى من القرآن، كقول ربنا الرحمن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ}[المائدة:٥١] وكقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}[الممتحنة:١]، وقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ}[المائدة:٥٧]، وقول الله عز وجل:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:٢٨].
إن الله عز وجل ينادي المؤمنين في هذه الآية بألا يتخذوا الكافرين أعواناً ونصراء من دون المؤمنين، سواء كان كفرهم كفر شرك، أو كفر عناد ومكابرة، أو كفر نفاق؛ لأن الكفر في النهاية ملة واحدة، كما قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[الأنفال:٧٣] ويمكن أن يراد بالكافرين في هذه الآية مشركو مكة، ويمكن أيضاً أن يراد بهم أهل الكتاب الذين كانوا في المدينة من اليهود، ويمكن أيضاً أن يراد بهم المنافقون من أمثال عبد الله بن أبي بن سلول وأقرانه.
يقول الله عز وجل:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ))، ثم يوجه ربنا جل جلاله سؤالاً:((أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا)) أي: أتريدون يا من تتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أن تجعلوا لله حجة بينة في إنزال عقوبته بكم وتمكينه بكم أو أتريدون أن تجعلوا لله عليكم حجة في أن يسلط هؤلاء الكافرين عليكم بذنوبكم بعد ما اتخذتموهم أولياء؟!