للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آية الله في خلق الإبل والسماء والجبال والأرض]

قال الله عز وجل: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:١٧]، فيا من تكذبون بالجنة والنار! قد جعلت لكم آيات باهرات بين أيديكم: هذه الإبل ضرب الله بها المثل؛ لأنها قوية شديدة غليظة عظيمة الخلق سخرها الله عز وجل للإنسان الضعيف الراعي الذي لا يزن خمسين كيلو يقود هذا الجمل حيث شاء، ويحمله من الأثقال ما شاء، فقد سخر الله عظيماً لصغير، قال أهل التفسير: وقد ذكر الله الإبل أولاً؛ لأن الحيوانات على أربعة أنواع: أكولة، وحلوبة، وركوبة، وحمولة، فإما أن يأكل لحمها، وإما أن يشرب لبنها، وإما أن يركب ظهرها، وإما أن يحمل عليها، والإبل فيها الأربع: يؤكل لحمها، ويركب ظهرها، ويحلب درها، ويحمل عليها، كما قال الله عز وجل: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} [غافر:٧٩ - ٨١] {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ} [النحل:٨ - ٩].

والله عز وجل يضرب المثل بهذه الأمثل: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ} [الغاشية:١٧ - ١٨] فكيف رفعت هذه السماء التي فوقهم؟ {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد:٢]، وليس هناك بناء في الدنيا على صغر حجمه إلا وله أعمدة، أما هذه السماء التي لا تدركها الأبصار فليس لها عمد، {وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:١٩ - ٢٠]، أي: سخرت للسالكين، وإلى الجبال كيف جعلها الله عز وجل منصوبة أوتاداً تمنع الأرض من أن تميد وتضطرب.