للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فوائد الطهارة]

للطهارة فوائد عظيمة جداً، أول هذه الفوائد: أنها سبب لمحبة الله للعبد، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:٢٢٢]، وهناك آية في سورة التوبة تتكلم عن مسجد الضرار وفيها قوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:١٠٨].

الفائدة الثانية: أنها سبب لدخول الجنة، فالإنسان الذي يحرص على الطهارة دائماً من أهل الجنة إن شاء الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم! اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فتحت له أبواب الجنة الثمانية).

فأبواب الجنة ثمانية وأبواب النار سبعة، قال الله عن جهنم: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر:٤٤].

الفائدة الثالثة: الطهارة سبب لتكفير الذنوب والخطايا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم رجل يقرب وَضوءه) وكلمة الوَضوء بالفتح: اسم للماء، والوُضوء بالضم: اسم للفعل، (ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض ويستنشق، إلا خرت خطايا وجهه -وفيه وخياشيمه-).

الفائدة الرابعة: هي سبب للنور التام يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أمتي يبعثون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء)، والغرة هي: بياض في جبهة الفرس، وقوله: محجلين من التحجيل، وهو: جمع محجل، والتحجيل أيضاً: بياض في ركبتي الفرس، يعني: أن المؤمن يوم القيامة يكون بين عينيه نور، وفي يديه ورجليه نور، كما قال الله عز وجل: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد:١٢].

فمن أسباب هذا النور: الوضوء.

الفائدة الخامسة: أن في المحافظة على الطهارة تشبهاً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الذي كان أنظف الناس ثوباً، وأطيبهم ريحاً، فقد كان عرقه صلى الله عليه وسلم كريح المسك، ولذلك لما نام نومة القيلولة، في وقت الظهر في بيت أم حرام بنت ملحان -وكانت خالته من الرضاعة- يعني: رضعت مع أمه آمنة، (استيقظ صلى الله عليه وسلم، فوجدها تمسح العرق عن وجهه، ثم تعصره في سكٍ لها) السك: ما تحفظ فيه المرأة طيبها، (فقال لها: ما تصنعين يا أم حرام؟ قالت: أخلط عرقك بطيبنا فيكون أطيب الطيب).

فالرسول صلى الله عليه وسلم علمنا النظافة، ومن ذلك أنه علمنا صلى الله عليه وسلم أن نستاك فقال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، وكان يستاك، حتى في مرض موته عليه الصلاة والسلام، فقبل أن يتوفى بقليل كان يستاك عليه الصلاة والسلام، وعلمنا صلى الله عليه وسلم النظافة في كل شيء، دخل عليه بعض الصحابة، وشعره كثير منتفش، فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحلقه، أو يرجله، أي: ينظمه، فذهب الصحابي، ثم رجع بعد ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: (أليس هذا خيراً من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟!).

الفائدة السادسة: أنها استجابة لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل أمر بالطهارة فقال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:٤]، وقال: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج:٢٦]، وقال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة:٦]، وهذه كلها أوامر، فالمتطهر مستجيب لأمر الله، وكذلك مستجيب لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (غسل الجمعة واجب على كل محتلم)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ).