[سبب نزول قوله تعالى:(وقالت اليهود ليست النصارى على شيء)]
الآية الثالثة عشرة بعد المائة: قول الله عز وجل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ}[البقرة:١١٣].
قال ابن عباس:(لما قدم أهل نجران -أي: النصارى- على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا، فقال رافع بن حريملة: ما أنتم على شيء وكفر بعيسى والإنجيل، فقال رجل من أهل نجران لليهود: ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى عليه السلام).
ونصارى نجران بعث الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم رسالة دعاهم فيها إلى الإسلام، فجاء منهم وفد بقياد ثلاثة: السيد والعاقب وعبد المسيح، وبدءوا يناظرون الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي أثناء جلوسهم في المسجد جاء اليهود وبدءوا يجادلون أولئك النصارى، ولما احتد الجدال أنكر اليهود نبوة المسيح وأنكروا الإنجيل، وقام النصارى كذلك وقالوا: أنكرتم نبينا والكتاب ونحن كذلك لا نؤمن بموسى ولا بالتوراة! وهكذا كفر متبادل والعياذ بالله، أما نحن -المسلمين، والحمد لله- فنؤمن بموسى ونؤمن بعيسى وبسائر الأنبياء وبما أنزل الله عليهم مثلما نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم.
ولذلك ذكروا أن الخديوي الذي كان يحكم أيام الإنجليز مصر والسودان جاءه حاخام اليهود وراهب النصارى وكان شيخ الأزهر الشيخ محمد عبده، فـ الخديوي يبدو أنه كان رجلاً خفيف العقل، فقال لهم: أنا أريد أن يثبت كل واحد منكم بأنه سيدخل الجنة وأن الاثنين الآخرين لن يدخلاها، فاليهودي قال: ليتكلم حبر النصارى أولاً، وذلك لكي يفكر، فقام حبر النصارى فقال: ليتكلم شيخ المسلمين أولاً، فالشيخ محمد عبده رحمه الله قال: إذا كان اليهود سيدخلون الجنة لأنهم آمنوا بموسى وبالتوراة فإنا داخلوها؛ لأنا آمنا بموسى وبالتوراة، وإذا كان النصارى سيدخلون الجنة لأنهم آمنوا بعيسى والإنجيل فإنا داخلوها؛ لأنا آمنا بعيسى والإنجيل، وإذا كنا داخليها فليسوا هم بداخليها؛ لأنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن.