قال الله:((وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ))، وحقيقة العضل في اللغة: الحبس والمنع.
وكان هناك أيضاً صور من الظلم، فمن صور الظلم أن الرجل يتزوج بالمرأة ثم بعد ذلك يملها ويكره العيش معها، وبدلاً من أن يسرحها بإحسان، يبدأ يضايقها ويكدر صفوها ويسيء معاشرتها ويضارها من أجل أن تفتدي منه بالمال، فتقول له: طلقني، فيقول: لا أفعل حتى تردي إلي الصداق وما دفعت، وهذا حرام في الإسلام.
وكذلك من أنواع العضل الداخل في هذا النهي أن يمنع الأب ابنته من الزواج بغير سبب شرعي، إما لأن عندها راتباً وهو يتأكل من وراء هذا الراتب، أو لأنها ذات مال وهو لا يريد للزوج أن يشاركه في هذا المال، أو لغير ذلك من الأسباب غير الشرعية.
قال القرطبي رحمه الله: متى صح في ولي أنه عاضل نظر القاضي في أمر المرأة وزوجها، والولي هو الأب أو الأخ إن لم يكن الأب موجوداً.
قال الله عز وجل:((وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ)) أي: لا تضار المرأة ولا تسيء معاشرتها من أجل أن ترد إليك ما دفعته، قال الله عز وجل:((إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)) أي: ظاهرة، وفي قراءة:{مُبَيَّنَةٍ} أي: يبينها من يدعيها، والمعنى: أن المرأة والعياذ بالله لو وقعت في الزنا فللزوج أن يضيق عليها ويضارها من أجل أن ترد إليه ما دفع، وهذا قول ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، فعندهم الفاحشة المبينة هي الزنا.
وقال الضحاك وعكرمة: الفاحشة المبينة: النشوز والعصيان، يعني: إذا الرجل دفع صداقاً، ودفع مهراً وأثث بيتاً واشترى لها ذهباً وأنفق نفقات كثيرة ثم بعد ذلك اكتشف أنها ناشز، يقول لها: ائتني بالماء، فتقول له: لا، بل تقوم أنت تشرب! فهذا نشوز وعصيان وتمرد؛ لأن من السنة أن تخدم المرأة زوجها، وهذه قسمة الحياة، وقد كانت أمهات المؤمنين يخدمن الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي هذه الحالة يجوز أن تضجرها وتضيق عليها حتى تستبرئ منك ببعض حقها أو كله وتفارقها؛ لأنها تسببت في بعثرة بيت الزوجية بسوء خلقها ونشوزها، وأحوجتك إلى تجديد زوجة أخرى، فمن العدل في هذه الحالة أن تطالب بكل ما دفعته، فتعيده إليك وتسرحها.