قال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق:١] مقول القول محذوف، قدره بعض أهل العلم: قيل لي: قل.
وقال ابن القيم رحمه الله: التقدير: قيل لي هذا اللفظ فقلت كما قيل لي، قال: والسر في ذلك: أن يعلم الناس يقيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله، ينقل اللفظ كما هو، ولا يتصرف فيه بزيادة ولا نقصان، قال الله له:(قل) فنقلها (قل).
والخطاب في قوله تعالى:(قل) له ثم لسائر الأمة.
وقوله:((قُلْ أَعُوذُ)) أي: ألتجئ وأستجير.
وقال بعض أهل العلم: من معاني الاستعاذة: اللصوق، ولذلك تقول العرب: أطيب اللحم أعوذه، أي: ما كان ملتصقاً بالعظم.
وقوله تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} قال أبو حيان: الفلق فعل بمعنى مفعول، فلق: بمعنى مفلوق، ومن معاني الفلق: الصبح؛ لأنه ينفلق من الليل.
ومن معاني الفلق كذلك: الجبال والصخور؛ لأنها تنفلق عن الماء، كما قال الله عز وجل:{وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ}[البقرة:٧٤].
ومن معاني الفلق: الرحم؛ لأنه ينفلق عن الحيوان.
قال بعض أهل التفسير: المقصود بقوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق:١] جميع الخلق، والمعنى: أستعيذ برب الفلق جل جلاله من أربعة أشياء: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}[الفلق:٢] وهذا فيه عموم، أي: من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل، من أنسي، أو جني، أو طير، أو دابة، أو سبع.
ثم بعد هذا العموم خصوص:{وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق:٣ - ٥].