الأمر التاسع: من سلم شاكاً في تمام صلاته، فلو أن إنساناً غلب عليه الشك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً في الصلاة الرباعية، فسلم، وهو في حال شك، فهذا صلاته باطلة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم على الشاك بألا يسلم فقال عليه الصلاة والسلام:(إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى: أثلاثاً أم أربعاً؟ فليصل ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم) يعني: إما أنه يستيقن فيبني على ما استيقن، فإن استيقن التمام بعدما طرأ له الشك فلا كلام، وأما إن استمر معه الشك فواجب عليه أن يبني على الأقل، فإذا كان قد شك أصلى اثنتين أم ثلاثاً؟ فليجعلها اثنتين.
وإذا شك أصلى ثلاثاً أم أربعاً؟ فليجعلها ثلاثاً، وليأت برابعة، فإن كانت تمام الصلاة فالحمد لله، وإن كانت زيادة كان فيها ترغيم للشيطان.
كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.
واستثنى العلماء هنا مسألة -وهي الآن غير موجودة- وذلك إذا دعاك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت في الصلاة فإنه يجب عليك أن تجيبه، والدليل على ذلك حديث أبي سعيد بن المعلى في صحيح البخاري قال:(كنت أصلي، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغت أتيته) يعني: أن هذا الصحابي ما أجابه في الصلاة، وإنما انتظر إلى أن فرغ، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له عليه الصلاة والسلام:(ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ فقال: يا رسول الله! كنت أصلي، فقال عليه الصلاة والسلام: ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:٢٤]) فها هنا تنازع الإنسان أمران: الصلاة فريضة، وإجابة النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً فريضة، ومعلوم أنه إذا تزاحمت الواجبات نقدم الأهم فالمهم، فهنا نقدم إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك الصلاة يمكن تداركها.
وأيضاً: لو كان الإنسان في صلاة، فرأى أعمى يسير نحو هاوية، كأن أوشك أن يقع في بئر أو حفرة، ففي هذه الحالة يترك الصلاة وينقذ هذا الأعمى، أو يتكلم مع هذا الأعمى ويقول له: أمامك حفرة يا فلان! أو أمامك نار، ثم يستأنف صلاته.