[معرفة سبب النزول تعين على فهم الحكمة التي يشتمل عليها التشريع]
الفائدة الثانية: أنَّ معرفة سبب النزول يعين على فهم الحكمة التي يشتمل عليها التشريع، وهذا مفيد بالنسبة للمؤمن ولغير المؤمن، أما المؤمن فإنه يزداد إيماناً، وأما غير المؤمن فإنه يعلم أن التشريع إنما جاء لجلب المصلحة ودفع المفسدة.
سبب نزول هذه الآية ما قاله عبد الرحمن بن عوف:(صنع لنا رجل من الأنصار طعاماً، فأكلنا لحم جزور -أي لحم جمل- ثم سقانا خمراً فتفاخرنا، فقال أحدهم: الأنصار خير من المهاجرين، فقلت: بل المهاجرون خير من الأنصار، فقام أنصاري بلحي جمل، -لحي الجمل: العظم- فضربني على أنفي حتى كسره، فسال الدم، فقلت: والله لا أمسح الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء عبد الرحمن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ودمه يسيل، فأنزل الله هذه الآية:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}[المائدة:٩١]).
معرفة سبب النزول هنا يزيد المؤمن إيماناً بضرر الخمر، ويدعو غير المؤمن إلى أن يفكر أن الله عز وجل ما حرم شيئاً إلا لأنه خبيث ولأنه ضار.