نشرع الآن في تفسير سورة الفلق: سورة الفلق نزلت هي وسورة الناس معاً، واصطلح أهل التفسير وعلماء القرآن على تسميتهما بالمعوذتين، وقد وردت أحاديث في فضلهما معاً، ومن ذلك: ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس).
وروى الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال:(بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي: يا عقبة! ألا تركب؟ قال: فأجللت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه، ثم قال: يا عقيب! ألا تركب؟ قال: فأشفقت أن تكون معصية، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية، ثم ركب، ثم قال: يا عقيب! ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: فأقرأني (قل أعوذ برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس)، ثم أقيمت الصلاة، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم مر بي، قال: كيف رأيت يا عقيب؟! اقرأ بهما كلما نمت، وكلما قمت).
وروى الإمام البخاري عن أمنا عائشة رضي الله عنها:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه، طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ به الوجع والمرض أنه لا يستطيع أن يحرك يديه، فكانت أمنا عائشة رضي الله عنها هي التي تقرأ، وهي التي تنفث، ولكن من أدبها أنها لم تكن تمسح بيديها، وإنما كانت تأخذ يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمسح بهما؛ لأنها تعلم أنه لا أبرك ولا أفضل ولا أكرم منهما.