قال الله تعالى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}[التين:١].
قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي وغيرهم من أهل التفسير: قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}[التين:١] هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم الذي منه تعصرون.
يعني: الله عز وجل أقسم بهاتين الثمرتين: التين، والزيتون.
قال أهل التفسير: أقسم ربنا جل جلاله بالتين؛ لأنه فاكهة حسنة المظهر طيبة المخبر، سهلة الجنى، وتؤكل قوتاً وأدماً وفاكهة، وهي بمقدار المضغة، ونعمة الله عز وجل فيها ظاهرة.
قال ابن القيم رحمه الله: والتين أقسم به ربنا جل جلاله لظهور العزة فيه؛ فإنه يستعمل قوتاً، يمكن للإنسان أن يستغني به، ويستعمل أدماً، يمكن أن يؤتدم به ويؤكل بالخبز، ويستعمل كذلك فاكهة يمكن للإنسان أن يتفكه به بعد الطعام.
ثم قال: وهو فاكهة لا عجم لها.
يعني: ليس فيها نوى كالعنب مثلاً والتمر، وإنما تؤكل كلها سهلة دون أن يخشى الإنسان غائلتها، ثم إن التين يستعمل في صنع كثير من الأدوية.
قوله:{وَالزَّيْتُونِ}[التين:١]، الزيتون أيها الإخوة الكرام الآية فيه ظاهرة؛ فإن الله عز وجل جعله ثمرة تؤكل، وجعل منه الزيت الذي يُعصر، فيدهن ويستصبح به، أي: يجعل في المصابيح، ويتداوى به، وسماه الله عز وجل نوراً كما بين في كتابه الكريم قال تعالى:{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ}[النور:٣٥]، فضرب الله عز وجل المثل بهذه الثمرة.
ونبهنا ربنا جل جلاله على هذه الآية في كثير من آيات كتابه، فقال سبحانه:{وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ}[الأنعام:٩٩].
فأقسم الله عز وجل بالتين والزيتون، والمراد: القسم بمنبتهما ومكانهما وهي الأرض المباركة فلسطين، كما قال بعض أهل التفسير، وليس المراد كما قال ابن عباس ومن معه: إن التين هو تينكم الذي تأكلون، والزيتون زيتونكم الذي تعصرون، وإنما المقصود منبتهما وهي الأرض المباركة، واستدلوا على ذلك بأن الله أتبعها بذكر طور سينين الذي كلم عليه موسى، والبلد الأمين الذي ولد فيه محمد صلى الله عليه وسلم، فذكر أماكن هؤلاء الأنبياء الكبار أصحاب الشرائع صلوات الله وسلامه عليهم.