أقسم تعالى بالقمر، فقال:{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا}[الشمس:٢]، وهو أيضاً من عظيم مخلوقات الله عز وجل، فيخفف ظلمة الليل، وجعله الله عز وجل ميقاتاً للناس في زكاتهم، وصيامهم، وإفطارهم، وحجهم، وحساب حول زكاتهم، وعدة المرأة إذا طلقت أو توفي عنها زوجها، وليس عندها ما تحسب به إلا هذا القمر، وقد أعلى الله عز وجل قدره فأقسم به في القرآن فقال:{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ * وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}[الانشقاق:١٧ - ١٨] أي: إذا اكتمل.
وقول الله عز وجل:{كَلَّا وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ * وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ}[المدثر:٣٢ - ٣٤].
فيقسم ربنا بالقمر إذا غربت الشمس، ثم ظهر القمر وتلاها وتبعها في بعض أيام الشهر، وعلى العكس في أيام أخرى.
قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: ابتدئ القسم في هذه السورة بالشمس إيماء لشأن الإسلام أنه سينتشر انتشار الشمس بحيث لا يترك للضلال مسلكاً، وإيماء لعموم نوره في الكون كما عَمَّ نور الشمس.
ومصداق كلامه رحمه الله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وسيبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار)، فأقسم ربنا بالشمس وضحاها والقمر إذا تلاها.