هذه السورة والسورة التي قبلها نزلتا معاً، وهناك ذكر ربنا صفة واحدة لنفسه، وهي: أنه رب الفلق، وذكر الاستعاذة من أربعة أشياء: من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد.
وهنا ذكر ربنا لذاته ثلاث صفات: رب الناس، ملك الناس، إله الناس، والمستعاذ منه شيء واحد: الوسواس الخناس، قالوا: لأن في السورة السابقة تلك كلها مضرتها في الدنيا، فالحاسد، والساحر، والليل أو القمر إذا غاب، أو شرور المخلوقات عموماً كلها ضررها في الدنيا، أما هذا فضرره يتعدى إلى الآخرة.
هذا أمر.
الأمر الثاني: أن تلك ظاهرة يستطيع الإنسان أن يتقيها، وأن يحترز منها، أما هذا الوسواس الخناس فإنه خفي غير ظاهر، كما قال الله عز وجل:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ}[الأعراف:٢٧]؛ ولذلك كانت الاستعاذة منه أعظم.