هذه الآية يستفاد منها فوائد: الفائدة الأولى: يجب على أولياء القاتل بل على القاتل نفسه أن يمكن أولياء القتيل من القصاص، فيحرم علينا أن نعرف عن إنسان أنه قاتل ومعتدي ثم نأويه ونحميه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وهذا من إيواء المحدث المحرم في دين الله عز وجل، بل يجب علينا أن نسلمه من أجل أن يطبق حكم الله فيه.
ثانياً: لا يجوز لأولياء القاتل أن يحولوا بين إقامة الحد وبين أولياء الدم.
ثالثاً: قال الله عز وجل: ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى))، هذا العموم يخرج منه الوالد، فلو أن الوالد قتل ابنه فإنه لا يقتل به.
يقول الشيخ محمد عبده رحمه الله في تفسير المنار: إن الله عز وجل جبل الأصول -أي: الآباء- على الشفقة والرحمة، فقد يقسو الولد على الوالد وقلما يقسو الوالد على الولد، وإن والداً يقتل ولده عامداً هذا ما يحدث إلا نادراً، وهو إما بسبب أن الولد قد خرج عن الأدب تماماً وأوغر صدر الأب، أو لأن الأب قد أحاط به عذر من طيش أو جنون أو غير ذلك، لكن في طبيعة البشر أن الوالد يتحمل الجوع، ويتحمل الآلام، ويتحمل السهر في مقابل أن يريح ولده، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يقتل الوالد بالولد).
وقد أجمع جمهور العلماء على أن الجماعة تقتل بالواحد، فلو أن مجموعة من الناس تعاونوا على قتل واحد فإن جمهور العلماء يرون أن هؤلاء الجماعة يقتلون بالواحد، وقد حدث في زمان عمر رضي الله عنه أن اجتمعت امرأة وخادمها وخليلها على قتل غلام زوجها من امرأة أخرى، فعرضت القضية على عمر رضي الله عنه فقال: إن الله تعالى يقول: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة:٤٥]، وهؤلاء جماعة، فـ علي رضي الله عنه هو العالم الكامل، فقال له: يا أمير المؤمنين! أرأيت لو أن جماعة من الناس اشتركوا في سرقة بعير، -يعني واحد أخذ الكراع، والثاني أخذ السنام، والثالث أخذ الكبد وهكذا- أكنت قاطعهم؟ قال: اللهم نعم، قال له: هكذا فافعل، اقتلهم جميعاً، فانشرح صدر عمر لهذا الحكم وقال: والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به، قالوا: ومن ناحية النظر لو لم يقتل الجماعة بالواحد لأفضى ذلك إلى القتل وإلى الفساد والنظر صحيح.
وقد دلت الآية على أن الأصل وجوب القود، وأن الدية بدل منه، كما دلت على أنه يجب على القاتل أداء بإحسان من غير مطل ولا إساءة فعلية ولا قولية.