هذه الآية اشتملت على فوائد منها: وجوب الوفاء بالعقود كلها ما كان لله وما كان للناس، وخاصة الشروط التي تكون في عقد النكاح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج)، فالشروط التي تكون في عقد النكاح مطلوب من المؤمن أن يوفيها كاملة، ومن فوائد الآية: حل بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية، واستدل ابن عمر وابن عباس رضوان الله عليهم، وغير واحد من أهل العلم بهذه الآية على إباحة أكل الجنين إذا ذكيت أمه، فلو أنك ذبحت شاة ثم وجدت في بطنها جنيناً، فإن هذا الجنين لو خرج حياً فلا خلاف بين أهل العلم في أنه يذكى، لكن لو خرج ميتاً فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ذكاة الجنين ذكاة أمه) أي: أن ذكاة أمه تسري عليه فيؤكل حلالاً.
ومن فوائد الآية: تحريم الأنواع العشرة من المطاعم التي ذكرها الله سبحانه في الآية الثالثة؛ لأنه قال:((إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)) وقد عرفنا أن المتلو هو تلك العشرة.
ومن فوائد الآية: أن كتاب الله عز وجل يفسر بعضه بعضاً فقول الله عز وجل: ((إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ)) فسر بعد ذلك بآيتين.
ومن فوائد الآية: تحريم الصيد حال الإحرام بالنسك، سواء أكان في الحرم أو في غيره طالما أن المسلم متلبس بالنسك فلا يجوز له صيد البر، قال الله عز وجل:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}[المائدة:٩٦].
ومن فوائد الآية: إباحة الصيد بعد الإحلال؛ لأن الله عز وجل قال:((وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)) وهذا منطوق الآية التي ستأتي إن شاء الله، فهي مفهومة من النص.
قال أهل العلم: كل شيء كان جائزاً، ثم حرم لموجب، ثم أمر به بعد زوال ذلك الموجب؛ فالأمر للإباحة، كالبيع مثلاً فإنه حلال ولكنه يحرم بعد أن يصعد الإمام المنبر يوم الجمعة، بعد ذلك قال الله عز وجل:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ}[الجمعة:١٠]، فالأمر هنا للإباحة، كذلك قول الله عز وجل:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة:٢٢٢]، فجماع الزوجة في الحيض حرام، ثم قال الله عز وجل:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ}[البقرة:٢٢٢]، فيكون الأمر ههنا أيضاً للإباحة.