للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة غسل الميت]

يندب في غسل الميت البدء بغسل الأذى، ثم أعضاء الوضوء، واستعمال المطهرات من سدر أو صابون ونحوهما، وتكون الغسلات وتراً، وأقلها ثلاث مرات، ونحن نعرف أن الوتر أقله واحد، لكن في غسل الميت أقله ثلاث.

ولا يغسل الرجال إلا الرجال، ولا يغسل النساء إلا النساء إلا من كانت دون سبع سنوات.

ويجوز أن تغسل المرأة زوجها وأن يغسل الزوج امرأته، والدليل أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه.

وسيدنا أبو بكر لما مات غسلته زوجه أسماء بنت عميس، والسيدة فاطمة غسلها زوجها علي بن أبي طالب، ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة فكان إجماعاً.

ويجب على الغاسل ستر عورة الميت، يعني: لا يجرد الميت بحيث يكون كيوم ولدته أمه، ولكن تضع بين سرته وركبته ثوباً ثم بعد ذلك تجرده من ثيابه.

ولا يباشر عورة الميت بيده بل يجعل على يده ساتراً كالخرقة أو يلبس قفازات كصنيع الأطباء.

أما شهيد المعترك الذي مات في مكان المعركة فلا يُغسل؛ لأنه يبعث يوم القيامة وكلمه ينزف، اللون لون الدم، والريح ريح المسك.

والغريق والمحروق والمهدوم والمبطون والمطعون والمرأة تموت في الولادة يغسلون، والدليل أنهم غسلوا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعندما نغسل الميت نضعه في مكان مرتفع مثل السرير أو ما أشبه ذلك، ونجرده من ثيابه إلا ما يستر عورته، ولا يدخل في مكان الغسل إلا من تدعو إليه الحاجة، وإذا كان يكفي أن يغسله واحد فواحد، وإذا احتيج إلى اثنين فاثنين، أو ثلاثة فثلاثة، وإذا كان الميت ذا جسم كبير فقد يحتاج إلى أربعة أو خمسة أو ستة، المهم أن العدد يكون على قدر الحاجة.

ثم بعد ذلك يجلس نصف جلسة، يعني يسند، ويبدأ الغاسل يضغط على بطنه ضغطاً رفيقاً ليخرج ما فيها.

وبعد ذلك يلف على يده شيئاً فيباشر تنظيف عورته قبلاً ودبراً، ثم بعد ذلك يوضئه وضوء الصلاة، ولا يجعل في فمه ولا في أنفه ماء، وإنما يدخل أصبعه في فمه فينظفه، وكذلك ينظف منخريه، ولا يقلم له ظفراً، ولا يحلق له شعراً، ويدفن بأجزائه كلها، وقد نص الإمام النووي وغيره من أهل العلم على أن حلق شعر الميت وقص أظافره بدعة، فلا نحلق شعره ولا نقلم أظفاره، ولا نقص شاربه، ولا نحلق عانته ولا إبطه.

وبعدما نوضئه وضوء الصلاة نغسله الغسلة الأولى بماء صاف، ثم نغسل رأسه، ونبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم شق رأسه الأيسر.

ثم نغسله الغسلة الثانية، ونجعل مع الماء صابوناً أو سدراً ونحو ذلك من المطهرات.

ونجعله على ظهره، والأفضل أن نجعله على جنب من أجل أن يتيسر لنا أن نغسل ظهره وبطنه.

ثم نغسله الغسلة الأخيرة بأن نجعل مع الماء كافوراً؛ لأن الكافور يرطب بدن الميت ويمنع تسرع الهوام إليه.

ثم بعد ذلك نشرع في تكفينه.

وإذا وجدنا الثلاث الغسلات ليست كافية ما نظفته فنزيد رابعة ونجعل الخامسة هي الأخيرة، وإذا ما كفت نزيد سادسة ونجعل السابعة هي الأخيرة.