للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الربا وصوره]

الربا: هو عقد في الشرع فاسد وإن لم تكن فيه زيادة، وهذا تعريف المالكية، قالوا: لأن بيع الدراهم بالدنانير نسيئة يعد رباً وإن لم تكن فيه زيادة، والآن دراهم بدنانير لا تكاد توجد، لكن يوجد نظيرها من العملات التي يتعامل بها الناس كالدولار والريال واليورو والاسترليني وما أشبه ذلك، ولابد فيها من التقابض؛ لأنها تقوم مقام الذهب والفضة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى، والآخذ والمعطي سواء).

بمعنى: أن الإنسان إذا أراد أن يستبدل مالاً بمالٍ من جنسه كدولار بدولار، أو ريال بريال، أو دينار بدينار، فلا بد من أمرين اثنين: تقابض وتماثل، أما إذا اختلف الصنفان كدينار بدولار فلا بأس من التفاضل بأن يكون الدولار بألفين وستمائة دينار مثلاً، لكن بشرط أن يكون هناك تقابض في الحال، فمثلاً هناك رجل يعمل في التجارة فيأخذ دولارات من رجل مقابل دنانير سودانية، فيأخذ الدولارات ثم هذا يؤخر المال أياماً إلى أن يسلم أهله الدنانير السودانية، فهاهنا نقول: لا بد من التقابض، فلا بد أن يكون عنده هنا إنسان يتعامل معه ويتصل به للتو فيقول: سلم آل فلان كذا من المال، من أجل أن يتحقق شرط التقابض.

كذلك ما يصنعه النساء حين تذهب إحداهن إلى صاحب الذهب فتعطيه ذهباً قديماً فيزنه فيبلغ مثلاً خمسين جرام أو مائة جراماً ثم بعد ذلك تريد ذهباً جديداً، فيزن لها ذهباً جديداً مما تختاره، فمثلاً إذا كان ذهبها مائة جرام يكون هذا ثمانين جراماً فيعطيها ذلك، فهذا هو الربا؛ لأن الذهب بالذهب ربا، دون اعتبار لاختلاف العيار أو الصنعة أو النقشة كما يقولون، والحل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ بلال، فقد أتى للنبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيد فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (أكل تمر خيبر مثل هذا؟ فقال: لا يا رسول الله! إنا نبيع الصاع من هذا بصاعين من ذاك) يعني: الصاع من التمر الجيد بصاعين من التمر الرديء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوه! عين الربا عين الربا) يعني: هذا الذي وقعت فيه هو الربا، فكونك تستبدل تمراً بتمر متفاضلاً، هذا هو عين الربا، ثم قال له: (بع ما عندك ثم ابتع جنيباً) يعني: بع التمر الرديء وخذ الدراهم وابتع بالدراهم جنيباً.

كذلك نفس الشيء بالنسبة للتي تملك ذهباً، فتذهب إلى الصائغ فتبيع ما عندها من ذهب ثم تأخذ المال، فإن شاءت تشتري من عنده عقداً جديداً أو تشتري من غيره، وتكون المعاملة بذلك صححه إن شاء الله.

ومن صور الربا: بيع العينة، وبيع الدين بالدين، وبعض صور السلم التي يمارسها الناس، وكثير من المرابحة التي تقع في البنوك في هذه الأيام، وفي تجارة العملة صور كثيرة ولعل أشهرها الآن أن إنساناً يأخذ الدولار بشيك آجل لكن بسعر أعلى فيكون قد اجتمع فيه نوعا الربا: ربا الفضل وربا النسيئة.

فلذلك أقول: أي إنسان يريد أن يتعامل بمعاملة ما فعليه أن يسأل ويحتاط لئلا يقع في الربا، ونسأل الله أن يطيب مطاعمنا.