[أهداف دعوى التقريب بين الأديان]
ما أهداف هذه الدعوى؟ ما الهدف من وراء الدعوة إلى وحدة الأديان، أو التقريب بينها؟ هناك عدة أهداف رمى القوم إليها وقد حققوها، الهدف الأول: إيجاد مرحلة التشويش على الإسلام، وبلبلة أفكار المسلمين.
وهذا قد حصل، فلو سألت جدك: اليهود والنصارى مؤمنون أم كفار؟ لقال: هم كفار قولاً واحداً، لكن الآن صارت هذه القضية محل تعاط ونقاش بين الناس، فيقول قائلهم: يا أخي هم ليسوا كفاراً! إذاً: فأين آيات القرآن كقوله سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:٧٣]، وكقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة:١٧]، وكقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} [التوبة:٣٠]؟ وهناك عشرات الآيات في إثبات كفر القوم، ويكفيهم أنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
يا إخواننا! لو أن معنا إنسان يصلي الآن قال: أنا كافر بعيسى، سنقول له: أنت لست مسلماً، أليس كذلك؟ بلى، ونقوله له: لست مؤمناً، وليس لك في الجنة نصيب، والأمر كذلك لو قال أحد: أنا كافر باليسع أو بإلياس أو بأي نبي من الأنبياء.
فهؤلاء الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، كيف يكون لهم في الإيمان نصيب؟! الهدف الثاني: حل الرابطة الإسلامية، وإحلال هذه الرابطة البديلة اللعينة مكانها، الآن نحن ندعوا لإخواننا في فلسطين والعراق، ما الذي بيننا وبينهم؟ هل بيننا وبينهم مصالح؟ نحن في هذا المسجد ندعو لإخواننا في فلسطين وليس بيننا وبينهم لا تجارة ولا نسب ولا شيء، وما بيننا وبينهم إلا {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:١٠].
فهذه الآية لو تركت وصار اليهود والنصارى أيضاً إخوة لنا كما نسمع الآن بكثرة: إخواننا المسيحيين! لما عاد لأمة الإسلام ميزة.
إذاً: فلو شاهدت في التلفزيون حرباً بين شارون وأحمد ياسين نقول: والله هذين أخوين اختلفا، ندعوا ربنا أن يصلحهم، وستكون حينها أنت أهل حياد؛ لأن شارون أخونا وأحمد ياسين أخونا، وكلنا موحدون! بل من خبثهم يقولون: لابد من التقريب بين الموسوية والعيسوية والمحمدية، فهل نعرف ديانة اسمها المحمدية؟ أنت الآن لو سألتك ما ديانتك؟ هل تقول: أنا محمدي؟! لا.
بل تقول: أنا مسلم، كما قال الله: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ} [الحج:٧٨]، ولم يقل: هو سماكم المحمديين، لكن هكذا بلبلوا الأفكار.
الهدف الثالث: أرادوا قصر المد الإسلامي واحتوائه، فالآن أكثر الديانات انتشاراً في أوروبا الإسلام فضلاً من الله ونعمة، وهكذا في كثير من بلاد الله عز وجل، فلما وجدوا ذلك وكنائسهم تعصف الريح بأبوابها ولا يتردد عليها أحد، أرادوا خلط الأمور؛ بحيث أن الأوروبي أو الأمريكي إذا أراد أن يدخل في الإسلام يقول: لم الإسلام؟ فهو والنصرانية واليهودية شيء واحد، ومن معين واحد، وفي مصب واحد، لكن الطرق مختلفة.
هكذا أرادوا.
الهدف الرابع: أرادوا كف ألسنة المسلمين وأقلامهم عن تكفير من كفره الله ورسوله ونجحوا.
فالآن كثير من الناس لا يجرؤ على أن يقول: النصارى كفار، ولا يستطيع أن يكتب هذا، فنجحوا في إرهاب الناس بحيث يعتقدون الحق باطلاً والباطل حقاً.
الهدف الخامس: إبطال أحكام الإسلام في معاملة أهل الكتاب، مثل قول ربنا: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:٢٩]، وهذا الكلام لا يذكره أحد، بل صار الشعار المعتبر في كثير من بلاد الله: حق المواطنة، وأن الناس جميعاً سواء في الحقوق والواجبات دون النظر إلى الجنس أو الدين، حتى إن بعض المخرفين وهو صحفي لا له في العير ولا في النفير، ألف كتاباً سماه: مواطنون لا ذميون، وقال: لا حاجة إلى مسمى أهل الذمة.
إذاً: أين نذهب بهذه النصوص؟ هل نلغيها ونشطبها؟ بل تاريخنا كله وما أجمع عليه علماؤنا هل نضيعه؟! هذه الأهداف عملوا للوصول إليها، وقد نجحوا نسأل الله العافية.