قال الله عز وجل:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا}[النساء:١٣٦] أي: ومن خرج عن طريق الهدى وبعد عن القصد كل البعد؛ لأن الكفر ببعضه كفر به كله، ومن المعلوم أن اليهود عليهم لعائن الله لم يفرقوا بين الرسل فقط بل حتى بين الملائكة، فالملائكة عندهم فيهم رأي، ولذلك لما جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا له:(يا محمد! إنا سائلوك عن أمور إن أجبتنا فأنت رسول، فقال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى إن أنا أخبرتكم لتتابعنني على ديني؟ قالوا: بلى، وأخذ عليهم العهود والمواثيق، -فطرحوا عليه أسئلة- فقالوا: ما الطعام الذي حرمه إسرائيل على نفسه؟ وهل ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ ومن وليك من الملائكة؟ قال لهم: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى إن أنا أخبرتكم لتؤمنن بي ولتابعنني على ديني؟ قالوا: بلى، قال: أما تعلمون أن إسرائيل عليه السلام -وهو يعقوب- قد كان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها، فمرض مرضاً شديداً، فنذر لله إن عافاه أن يحرم أحب الطعام والشراب على نفسه؟ قالوا: بلى، قال: اللهم اشهد، ثم قال: أسألكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجدون في كتابكم أن ماء الرجل غليظ أبيض، وأن ماء المرأة رقيق أصفر؟ قالوا: بلى، قال: اللهم اشهد، قال: أسألكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجدون أنه إذا سبق ماء الرجل أشبه الولد أباه، وإذا سبق ماء المرأة أشبه الولد أمه؟ قالوا: بلى، -بقي سؤال واحد على طريقة المصابرة كما يقولون- قالوا له: الآن أخبرنا من وليك من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك؟ -وهذا نوع من المحاصرة- فقال لهم عليه الصلاة والسلام: إن وليي جبريل، وما بعث الله نبياً إلا وهو وليه، قالوا: جبريل ذاك عدونا لو كان غيره لاتبعناك) أي: هذه هي المشكلة بيننا وبينك، فاليهود قبحهم الله بما طبعوا عليه من عنصرية وعنجهية لهم رأي في الأنبياء، ولهم رأي في الملائكة، ولهم رأي في الكتب، أما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم يؤمنون بالكتاب كله، وبالرسل كلهم، وبالملائكة كلهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.