العذر الثالث: الجذام الشديد، وكذلك كل مرض يؤذي براحته أو عدواه، عافانا الله وإياكم والمسلمين، فيتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام، فهذا المريض نقول له: صل في بيتك ولك أجر الجماعة إن شاء الله، إن علم الله من حالك أنك تحب الصلاة في الجماعة، لأنك تؤذي الناس بالعدوى؛ لأن الجذام معدٍ، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(فر من المجذوم فرارك من الأسد) فكل مرض معدٍ نقول لصاحبه: صل في بيتك، وكذا كل مرض يؤذي براحته، ومنه -عافاني الله وإياكم- البخر، أي: إنسان يكون في فمه رائحة تؤذي الناس، فهذا يصلي في بيته ولا تثريب عليه، ودليل ذلك قول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]، وقوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦]، وقوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور:٦١]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن الجماعة، وكان ذلك في مرض موته، فهو قد تخلف عن خمس عشرة صلاة صلاها في بيته عليه الصلاة والسلام، فهذه الأدلة: ثلاثة من القرآن، وعندنا دليل من السنة القولية، ودليل من السنة العملية أو الفعلية، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن الجماعة، وأمر أبا بكرٍ أن يصلي بالناس، وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه لما طعن وحمل إلى بيته وسقي حليباً، فخرج الحليب من موضع الجرح، وعلم أنه ميت؛ أمر صهيباً أن يصلي بالناس.