قوله تعالى:((وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)) قال عكرمة رحمه الله: الماعون هو: عارية الدلو والقدر والفأس والإبرة والمنخل وما أشبه ذلك، فهذه كلها يمكن أن تعار لفلان من الناس فينتفع بها مع بقاء عينها، فالمعير ليس متضرراً، وبعض الناس قد يبلغ درجة من الشر بأن يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره، فلو أعطى شيئاً لفلان من الناس يستعمله ثم يعيده فإنه لا يتضرر، لكنه لا يعطي؛ لأن قلبه قد خلا من الخير.
وقال الموفق بن قدامة رحمه الله: أجمع أهل العلم على استحباب العارية، والعارية قد تكون واجبة عند الضرورة، فمثلاً: لو أن إنساناً عطشان، وسيموت لو أنه ما شرب الماء، ورجل عنده ماء فمنعه منه فمات، فيكون هذا الرجل هو القاتل، فالحكم العام للعارية أنها للاستحباب لكنها قد تكون واجبة.
ولو أن إنساناً أعرته شيئاً فتلف عنده، فيجب عليه التعويض بالمثل إن كان مثلياً، فإذا لم يكن عنده المثل فتجب عليه القيمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(على اليد ما أخذت حتى تؤديه)، والنبي صلى الله عليه وسلم لما استعار من صفوان بن أمية دروعاً يوم حنين قال صفوان:(أغصباً يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة)، وفعلاً ضاعت بعض هذه الدروع فعرض النبي صلى الله عليه وسلم عليه عوضاً عنها فقال:(لا يا رسول الله! أنا اليوم في الإسلام أرغب) أي: أنا رغبتي في الإسلام وفيما عند الله من الأجر والثواب.