النداء الخامس في الآية الثانية والثمانين بعد المائة: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣]، ينادينا الله جل جلاله ويخبرنا بأن الصيام عبادة مفروضة، وحق واجب يجب أن يؤدى خالصاً لله عز وجل، وكتب بمعنى فرض، ويقصد به الكتابة الأزلية في اللوح المحفوظ أو الكتابة الشرعية التي أنزلها الله عز وجل في كتابه الكريم.
والصيام هو الإمساك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
((كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ))، الكاف في محل نصب على أنها نعت لمصدر محذوف، كتب عليكم الصيام صياماً كالذي كتب على الذين من قبلكم.
قال بعض أهل التفسير: وجه الشبه في أصل الصوم، أي: أن الصوم مفروض عليكم كما فرض على من كان قبلكم، وقال بعضهم: بل الشبه في القدر والصفة، في القدر شهر، وفي الصفة إمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وقال بعضهم: بل التشبيه في الوقت، أي: أن الله فرض علينا صيام رمضان كما فرضه على من كان قبلنا، قال أهل التفسير: وقد قال الله عز وجل ((كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)) ترغيباً لعباده.
قال الألوسي رحمه الله: لأن في الصوم مشقة، والمشقة إذا عمت طابت، وهذا الكلام نجد مصداقه في الواقع، فالإنسان إذا صام رمضان لا يشعر بذلك التعب والإرهاق الذي يشعر به لو صام الإثنين والخميس، فحين يكون الناس كلهم صائمين يخفف ذلك المشقة عن النفس، ولذلك يقول الله عز وجل من أجل أن يرغبنا: يا عبادي؛ يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، هذا الصيام لستم فيه بدعاً من الناس، فقد فرضته عليكم كما فرضته على من كان قبلكم من الأنبياء والأمم، ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)).