للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين الحسد والعين]

يوجد فرق بين الحسد العين، قال العلامة الشيخ: عطية محمد سالم رحمه الله: ولم أجد من فرق بينهما مع وجود الفارق.

والفرق بين العين والحسد من وجوه: الوجه الأول: أن الحاسد -والعياذ بالله- قد يحسد شيئاً لم يره, وقد يحسد نعمة لم تحصل، فيحسد نعمة متوقعة، كما قال الله عز وجل: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا} [الفتح:١٥]، والغنائم لم تأت بعد، {بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح:١٥].

أما العين فإنها لا تكون إلا لشيء موجود يراه الإنسان.

الوجه الثاني: أن الحسد -والعياذ بالله- لا يصدر إلا من نفس رديئة، وروح خبيثة، أما العين فقد تصدر من الصالح، وقد تصيب هذه العين من تحب، يعني: أحياناً الإنسان قد يصيب زوجته، أو يصيب ولده، أو يصيب ماله.

مثلاً: يرى سيارته وهي بهية جميلة، وقد غسلت، ونظفت، وجملت، فينظر إليها نظرة إعجاب ولا يذكر الله عز وجل فيخرج في الطريق، فلا يمشي إلا قليلاً حتى يصيبها العطب، أو يحصل لها حادث، أو غير ذلك.

أو يرى ولده يتكلم بلسان فصيح، أو أنه ذكي، أو أنه يحسن التصرف، أو أنه بار ونحو ذلك، فينظر إليه بإعجاب ولا يذكر الله، فيصيبه بالعين.

فالإنسان قد يصيب ولده، وقد يصيب ماله، وقد يصيب زوجه، ولذلك ذكر الله عز وجل هو العاصم، وقد حصلت العين حتى من بعض الصحابة، فقد روي الإمام مالك في الموطأ عن أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بأن يتبعه إلى مكان إلى مهمة، فدخل رضي الله عنه يتوضأ، وكان رجلاً حسناً مليحاً، أي: أن سهلاً رضي الله عنه رزقه الله ملاحة وجمالاً وحسناً، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فلما دخل يتوضأ رضي الله عنه وكشف عن جلده قال أحد الصحابة -وهو: عامر بن ربيعة وكان من المهاجرين- ما رأيت كاليوم جلداً قط ولا كأنه جلد مخبأة، والمخبأة: الفتاة العذراء التي دائماً تبقى في البيت لا تخرج، فجلدها يكون ناعماً؛ لأنها ما عانت حراً ولا قراً، فـ عامر بن ربيعة قال: ما رأيت كاليوم جلد قط كأنه جلد مخبأة، قال: فلبط سهل في مكانه، أي: لم يقم، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه، ولما نظر إليه عرف، قال له: (من تتهم؟ قال: أتهم عامر بن ربيعة، فإنه قال كذا، وكذا، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى عامر، فقال له: هلا بركت؟) يعني: هلا قلت: ما شاء الله، تبارك الله، أو ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، (علامَ يقتل أحدكم أخاه؟! اغتسل له).

فإذا عرف أن فلاناً هو الذي أصاب بالعين فإنه يؤمر بأن يغسل يديه، ووجهه، ورجليه، وركبتيه، وداخلة إزاره، ثم يؤتى بهذا الماء، فيصب على المعين؛ فإنه يبرأ بإذن الله.